اُزيلت بدعوته عند الإرسال بقوله : ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ) (١) كما دلّ عليه قوله تعالى ( قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى ) (٢).
وأكملهم فطنةً وقوة رأي. كما هو مقتضى كونه سائس الجميع ومرجعهم في المشكلات.
والسلامة. بالرفع عطف على الذكورة. أي وشرط النبوة السلامة. من دناءة الآباء ومن غمز الامّهات. أي الطعن بذكرهنّ بما لا يليق من أمر الفروج.
والسلامة من القسوة. لأن قسوة القلب موجبة للبعد عن جناب الرب ، إذ هي منبع المعاصي ، لأن القلب هو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كلّه ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، كما نطق به الحديث الصحيح. وفي حديثٍ ـ حسّنه الترمذي ، ورواه البيهقي ـ إن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي.
والسلامة من العيوب المنفّرة منهم ، كالبرص والجذام ، ومن قلة المروّة ، كالأكل على الطريق. ومن دناءة الصناعة كالحجامة ، لأن النبوة أشرف مناصب الخلق مقتضية لغاية الإجلال اللائق بالمخلوق ، فيعتبر لها انتفاء ما ينافي ذلك » (٣).
وقال البزودي ـ في ( أصول عقائده ) ـ « وجه قول عامّة أهل السنّة والجماعة : إن الله تعالى بيَّن أن بعض الرسل حصل منهم ذنوب ، ولا يستقيم أن يكون ذنوبهم عن قصد واختيار ، فإنه لو كان كذلك لكان لا يؤمن منهم الكذب ، فيؤدي إلى تفويت ما هو المقصود بالرسالة ، ولأنه إذا كان يجيء منهم الذنوب قصداً نفر طباع الناس عنهم ، فيؤدّي إلى أن لا يكون في بعث الرسل فائدة ».
وقال التفتازاني بشرح عقائد النسفي : « وأمّا الصغائر فتجوز عمداً عند
__________________
(١) طه ٢٠ : ٢٧.
(٢) طه ٢٠ : ٣٦.
(٣) المسامرة في شرح المسايرة في العقائد المنجمة في الآخرة.