الجمهور ، خلافاً للجبّائي وأتباعه ، وتجوز سهواً بالإتّفاق ، إلاّما يدلّ على الخسّة ، كسرقة لقمة والتطفيف بحبّة. لكن المحققين اشترطوا أن ينبَّهوا عليه فينتهوا عنه. [ هذا ] كلّه بعد الوحي. وأمّا قبله ، فلا دليل على امتناع صدور الكبيرة. وذهب المعتزلة إلى امتناعها ، لأنها توجب النّفرة المانعة عن اتّباعهم ، فتفوت مصلحة البعثة.
والحق منع ما يوجب النفرة ، كعهر الامهات والفجور ، والصغائر الدالّة على الخِسة » (١).
وقال بشرح المقاصد : « خاتمة : من شروط النبوّة : الذكورة ، وكمال العقل ، والذكاء ، والفطنة ، وقوة الرأي ـ ولو في الصبى كعيسى ويحيى عليهماالسلام ـ ، والسلامة عن كل ما ينفّر ، كدناءة الآباء وعهر الامهات ، والغلظة ، والفظاظة ، والعيوب المنفّرة كالبرص والجذام ونحو ذلك ، والامور المخلّة بالمروءة ، كالأكل على الطريق والحرف الدنيّة كالحجامة ، وكل ما يخل بحكمة البعثة من أداء الشرائع وقبول الامّة » (٢).
وقال الشعراني : « كان إمام الحرمين رحمهالله تعالى يقول : من جوّز وقوع الصغيرة من الأنبياء سهواً قيّدها بغير الدالّة على الخِسَّة » (١).
وقال القاري : « وأما الصغائر ، فما كان منها دالاًّ على الخِسَّة كسرقة لقمة ، فلا خلاف في عصمتهم فيه مطلقاً » (٢).
وقال عبد العلي الأنصاري : « وأما غير الكذب من الكبائر ، والصغائر الخسيسة كسرقة لقمةٍ وغيرها مما يدل على الخِسّة وإنْ كانت مباحة ، فالإتفاق
__________________
(١) شرح العقائد النسفية ـ مبحث عصمة الأنبياء : ٢١٥.
(٢) شرح المقاصد ٥ / ٦١.
(٣) اليواقيت والجواهر ، المبحث الحادي والثلاثون : ٢ / ٣.
(٤) ضوء المعالي في شرح بدء الأمالي ـ مبحث عصمة الأنبياء.