وهذا منه تعطيل لمعنى الطلب ، فيتعطّل جميع التكاليف ، ولم أر غيره اجترأ على ذلك ، وهو من المخلصين لُاصول الأشعري ، وحاصلها التعطيل كماترى » (١).
وقال المقبلي.
« المثال الثامن : قال الله تعالى : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) لا أوضح من هذا النص ، وقد أكده بآلة الحصر من النفي والإستثناء ، فهو صراط المستقيم : فمالت عنه الأشاعرة إلى أقصى مرمى : وقالت بلسان المقال ولسان اصولهم : ليس الأمر كذلك ، بل لا لغرضٍ أصلاً فضلاً عن الحصر ، وزادت على ذلك ، فنفت الغرض على العموم ، فلا يوجد منه تعالى فعل لغرض.
وتزايد شرّهم من وقتٍ إلى وقت ، حتى صرّح البيضاوي في منهاجه في الاصول بناءً على هذه القاعدة الفلسفيّة : إن مدلول الأوامر والنواهي غير مطلوب حصوله ، وإلاّ كان غرضاً وهو مستحيل ، صحّح بذلك التكليف بغير الممكن ، فاستنتج من الحيّة عقرباً ...
ولم أر من تجاسر على هذا التفريع ، فهو إذاً رئيس متخلّعة المتكلّمين ، وفي كلماته في تفسيره شيء من هذه الرائحة الخبيثة ، فهو في الكلام في الجبرية كابن عربي وأهل نحلته في متخلّعة المتصوّفة ، وكلّهم ذريّة بعضها من بعض ... » (٢).
وقال : « بحث التحسين والتقبيح : اختلف الناس هل للأفعال في نفس الأمر ، حقائق متقرّرة في نفسها هي أهل لأن تراعي وتؤثّر على نقائضها وتستتبع الرفع من شأن المتّصف بها كالصدق والإنصاف وإرشاد الضالّ مثلاً ، وحقائق هي [ متقرّرة ] في نفسها أهل لأنْ يعدل عنها وتستتبع الوضع من شأن من اتّصف بها من تلك الحيثيّة كالكذب والظلم؟
__________________
(١) المسائل الملحقة بالابحاث المسددة.
(٢) المسائل الملحقة بالابحاث المسددة.