فقالت المعتزلة وأكثر العقلاء وجماعة من الحنفية : نعم : والمراد بالحنفيّة هم المعروفون بالماتريدية ، نسبة إلى أبي المنصور الماتريدي : وكذلك أفرد من غيرهم ، كالإمام المحقق الشهير ابن تيمية ، حتى عدّها عليه السبكي مما خالف فيه الإجماع أو الأكثر : وقد دلّ ذلك على نزول درجة السبكي! فإن دعوى الإجماع كاذبة ، وكذلك الكثرة ، مع أنّ مخالفة الأكثر غير ضائرة ( وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) ... ولم ينفرد ابن تيمية ، فكم من الحنابلة من صنّف في الحطّ على الأشعري وأتباعه ، كما تجده في التراجم للذهبي وغيره ... ومن جملة ما ينقم عليه هذه المسألة ، فيقلّ القائلون بها ، لأن المذاهب المشهورة بين مطبقة على خلاف الأشعري أو مختلفة مع تهجين المخالف لهذه المقالة ، فلا يغرّنك شيوعها في هذه المقلدة كالسبكي وولده ، فلهم حوامل قد كرّرنا أسبابها إن كانت موفّقاً ، ومن عدل بالله غيره فقد شابه الكفار ... » (١).
ترجمة المقبلي
قال الشوكاني بترجمة المقبلي ما ملخصه : « صالح بن مهدي ، ... أخذ العلم عن جماعة من أكابر علماء اليمن ... ، ثم دخل بعد ذلك صنعاء ، وجرت بينه وبين علمائهم مناظرات أوجبت المنافرة ، لما فيه من الحدّة والتصميم على ما تقضيه الأدلّة وعدم الإلتفات إلى التقليد : ثم ارتحل إلى مكّة واستقرّ بها ، حتى مات في سنة ١١٠٨.
وهو ممن برغ في جميع علوم الكتاب والسنّة ، وحقق الاصول والعربية والمعاني والبيان والحديث والتفسير ، وفاق في جميع ذلك ، وله مؤلَّفات كلّها مقبولة عند العلماء ، محبوبة إليهم ، يتنافسون فيها ويحتجّون بترجيحاته ، وهو حقيق بذلك.
__________________
(١) العلم الشامخ : ٢١٦ ـ ٢١٨.