الخبر ، ولا يمكنهم أنْ يقولوا بوجوب دخوله تحت الخبر على التقدير الذي ذكروه ، لأنا قد بيّنا أنّ الخبر لا يتناول المقدر الذي لم يكن ، وإنما يتناوله المنزلة الكائنة الحاصلة.
فإن قيل : المنزلة التي نقدّرها لهارون هي كائنة ثابتة ، لأنها واجبة بالإستخلاف في حال الغيبة ، وإنما حصل فيها منع وهو موته قبل موسى عليهالسلام ، ولو لا هذا المنع لكانت ثابتة.
قيل له : إنّ الذي ذكرته إذا سلّمناه ، لم يخرج هذه المنزلة من كونها غير ثابتة في الحقيقة ، وإنْ كانت في الحكم كأنّها ثابتة ، وقد ثبت أنّ الخبر لم يتناول المقدَّر ، صحّ وجوبه أو لم يصح ، فيجب أنْ نتكلَّم في صحة ما أوردته ووجوبه قد صحّ كلامنا ، فلا حاجة بنا إلى منازعتك في هذه المنزلة : هل كانت تجب لو مات موسى قبله أو كانت لا تجب.
يبيّن ذلك أنه عليهالسلام لو ألزمنا صلاةً سادسةً في المكتوبات ، أو صوم شوال ، لكان ذلك شرعاً ولوجب ذلك لمكان المعجز ، وليس بواجب أن يكون من شرعه الآن ، وإنْ كان لو أمر به للزم ، وكذلك القول فيما ذكروه ، وليس كلّ مقدَّر سبب وجوبه وكان يجب حصوله لو لا المانع يصح أنْ يقال إنه حاصل ، وإذا تعذّر ذلك فكيف يقال إنه منزلة » (١).
أقول :
ومحلّ الإستشهاد ما ذكره غير مرّة وأكّده من أن هذا الحديث لا يتناول إلاّمنزلةً ثابتة ، ولا يدخل تحته منزلة مقدرة ، لأن المقدر ليس بحاصل ، وعليه ، فإن نفي الإمامة الذي ليس منزلةً ثابتةً بلا كلام ، ليس بداخلٍ في مدلول الحديث ... فيبطل ما ادّعاه الرازي والأعور و ( الدهلوي ) ، والحمد لله على ذلك.
__________________
(١) المغني للقاضي عبد الجبار ٢٠ ق ١ / ١٥٩ ـ ١٦١.