بغداد ، قال أخبرني أبو عبيدالله الحافظ بأصبهان ، أخبرنا أبو القاسم بن إسماعيل الصَّيرفي أنا يحيى بن عبدالوهّاب بن مندة قال : سمعت أبا الفضل المقدّسي يقول : سمعت عبدالوهاب الأنماطي يذكر أنّه وجد بخط الخطيب : سألت محمّد ابن إبراهيم العطّار مستملي أبي نعيم عن جزء محمّد بن عاصم كيف قرأته على أبي نعيم؟ وكيف رأيت سماعه؟ فقال : أخرج إليّ كتاباً وقال هو سماعي فقرأته عليه. قلنا : ليس في هذه الحكاية طعن على أبي نعيم ، بل حاصلها أنّ الخطيب لم يجد سماعه بهذا الجزء ، فأراد استفادة ذلك من مستمليه ، فأخبره بأنّه اعتمد في القرائة على إخبار الشيخ ، وذلك كاف.
ثمّ قال الطاعنون ثالثاً : وقد قال الخطيب أيضاً رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها ، منها أن يقول في الإجازة أخبرنا من غير أن يبيّن. قلت : هذا لم يثبت عن الخطيب ، وبتقدير ثبوته فليس بقدح ، ثمّ إطلاق أخبرنا في الإجازة مختلف فيه ، فإذا رآه هذا الحبر الجليل أعني أبا نعيم فكيف يعد منه تساهلاً ، وإن عدّ فليس من التساهل المستقبح ، ولو حجرنا على العلماء أنْ لا يرووا إلاّبصيغة مجمع عليها لضيّعنا كثيراً من السنة. وقد دفع الحافظ أبو عبدالله بن النجار قضية جزء محمّد بن عاصم بأنّ الحفّاظ الأثبات رووه عن أبي نعيم ، وحكينا لك نحن أنّ أصل سماعه وجد ، فطاحت هذه الخيالات ، ونحن لا نحفظ أحداً تكلّم في أبي نعيم بقادح ، ولم يذكر غير هذه اللفظة التي عزيت إلى الخطيب ، وقلنا إنّها لم تثبت عنه ، والعمل على إمامته وجلالته ، وأنّه لا عبرة بهذيان المعادين وأكاذيب المفترين ، على أنّا لا نحفظ عن أحد فيه كلاماً صريحاً في جرح ولا حطّ ، ولو حفظ لكان سبّة على قائله ، وقد برّء الله أبا نعيم من معرّته.
وقال الحافظ ابن النجّار في إسناد ما حكي عن الخطيب غير واحدٍ ممّن يتحامل على أبي نعيم ، لمخالفته لمذهبه وعقيدته فلا يقبل.