قال شيخنا الذهبي : والتساهل الّذي أشير إليه شيء كان يفعله في الإجازة نادراً ، قال : فإنّه كثيراً ما يقول كتب إليّ جعفر الخلدي ، وكتب إليّ أبو العباس الأصم ، أنا أبو الميمون بن راشد في كتابه. قال : ولكن رأيته يقول أخبرنا عبدالله بن جعفر فيما قرئ عليه ، قال : والظاهر أنّ هذا إجازة.
قلت : إنْ كان شيخنا الذهبي يقول ذلك في مكان غلب على ظنّه أنّ أبا نعيم لم يسمعه بخصوصه من عبدالله بن جعفر ، فالأمر مسلم إليه ، فإنّه أعني شيخنا الحبر الذي لا يلحق شأوه في الحفظ ، وإلاّ فأبو نعيم قد سمع من عبدالله بن جعفر ، فمن أين لنا أنّه يطلق هذه العبارة حيث لا يكون سماع ، ثمَّ ، وإن أطلق ذاك فغايته تدليس جائز ، قد اغتفر أشدّ منه لأعظم من أبي نعيم.
ثمّ قال الطاعنون رابعاً : قال يحيى بن مندة الحافظ ، سمعت أبا الحسين القاضي يقول : سمعت عبدالعزيز النخشبي يقول : لم يسمع أبو نعيم مسند الحرث ابن أبي أسامة بتمامه [ من ابن خلاد ] فحدّث به كلّه. قلنا قال الحافظ ابن النجّار : وهم عبدالعزيز في هذا ، فأنا رأيت نسخة من الكتاب عتيقة وعليها خط أبي نعيم يقول سمع منّي فلانٌ إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن خلاّد ، فلعلّه روى الباقي بالإجازة » (١).
٨ ـ اليافعي : « فيها توفي الإمام الحافظ الشيخ العارف أبو نعيم ... كان من أعلام المحدثين ، وأكابر الحفاظ المفيدين ، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به ، وكتاب الحلية من أحسن الكتب.
قلت : أمّا طعن ابن الجوزي فيها وتنقيصه لها فهو من باب قولي :
لئن ذمها
جاراتها وضرائر |
|
وعاب جمالاً في
حلاها وفي الحلي |
فما سلمت حسناء
من ذمّ حاسد |
|
وصاحب حق من
عداوة مبطل |
__________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٤ / ١٨ ـ ٢٥.