وكان ذا يدٍ طولى في الحديث والتاريخ والسّير ، واسع الحفظ ، واعتنى بأخبار بلده ، فأحيى معالمها وأوضح مجاهلها وجدّد ماثر ها وترجم أعيانها ، فكتب بها تاريخاً حافلاً سمّاه شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ، في مجلّدين ، جمع فيه ما ذكره الأزرقي وزاد عليه ما تجدد بعده بل وما قبله ، واختصره مراراً.
وعمل العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين في أربع مجلّدات ، ترجم فيه جماعة من حكّام مكة وولاتها وقضاتها وخطبائها وأئمتها ومؤذّنيها ، وجماعة من العلماء والرّواة من أهلها ، وكذا من سكنها سنين أو مات بها ، وجماعة لهم مآثر فيها أو في ما أضيف له ، رتّبه على المعجم ثمّ اختصره ، وكذا ذيّل على سير النبلاء وعلى التقييد لابن نقطة وكتاباً في الآخريات سوّد غالبه ، وفي الأذكار والدعوات ، وفي المناسك على مذهب الشافعي ومالك ، واختصر حياة الحيوان للدميري ، وخرّج الأربعين المتباينات والفهرست كِلاهما لنفسه ، وكذا خرّج لجماعة من شيوخه » (١).
وقال السيوطي : « الفاسي الحافظ تقيّ الدين محمّد بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن الشريف المكّي ، أبو الطيّب ، ولد سنة خمس وسبعين وسبعمائة ، وأجاز له أبو بكر بن أحمد المحب ، وإبراهيم بن السّلار ، رحل وبرع وخرّج ، وأذن له الشيخ زين الدّين العراقي بإقراء الحديث ، ودرّس وأفتى ، وصنّف كتباً منها تاريخ مكة ، وولي قضاء المالكية بها. مات في شوال سنة ٨٣٢. قال ابن حجر : ولم يخلف في الحجاز مثله » (٢).
٨ ـ السيّد شهاب الدين أحمد : « ولم يزل أصحاب العلم والعرفان لا
__________________
(١) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٧ / ١٨.
(٢) طبقات الحفاظ : ٥٤٩.