زيدا ، يتحقق وجوب الاكرام ، الا إذا كان مشروطا بشرط لم يحرزه الآمر فتلحق بالقضية الحقيقية من هذه الجهة كما أشرنا إليه ، والا لا يعقل تخلف الانشاء عن فعلية الحكم زمانا ، وان كان متخلفا رتبة نحو تخلف الانفعال عن الفعل.
واما في القضية الحقيقية : فالجعل والانشاء انما يكون أزليا ، والفعلية انما تكون بتحقق الموضوع خارجا ، فان انشائه انما كان على الموضوع المقدر وجوده ، فلا يعقل تقدم الحكم على الموضوع ، لأنه انما انشاء حكم ذلك الموضوع ، وليس للحكم نحو وجود قبل وجود الموضوع حتى يسمى بالحكم الانشائي في قبال الحكم الفعلي ، كما في بعض الكلمات.
والحاصل : انه فرق بين انشاء الحكم وبين الحكم الانشائي ، والذي تتكفله القضايا الحقيقية الشرعية انما هو انشاء الحكم ، نظير الوصية ، حيث إن الوصية انما هي تمليك بعد الموت ولا يعقل تقدمه على الموت ، لان الذي أنشأ بصيغة الوصية هو هذا أي ملكية الموصى له بعد موته ، فلو تقدمت الملكية على الموت يلزم خلاف ما أنشأ ، ولا معنى لان يقال الملكية بعد الموت الآن موجودة ، لان هذا تناقض. فكذا الحال في الأحكام الشرعية ، فان انشائها عبارة عن جعل الحكم على الموضوع المقدر وجوده ، فما لم يتحقق الموضوع لايكون شيء أصلا ، وإذا تحقق الموضوع يتحقق الحكم لا محالة ولا يمكن ان يتخلف.
فتحصل : انه ليس قبل تحقق الموضوع شيء أصلا حتى يسمى بالحكم الانشائي في قبال الحكم الفعلي ، إذ ليس الانشاء الا عبارة عن جعل الحكم في موطن وجود موضوعه ، فقبل تحقق موطن الوجود لا شيء أصلا ، ومع تحققه يثبت الحكم ويكون ثبوته عين فعليته ، وليس لفعلية الحكم معنى آخر غير ذلك.
وحاصل الكلام : انه ليس للحكم نحو ان من الوجود يسمى بالانشاء تارة ، وبالفعلي أخرى ، بل الحكم هو عبارة عما يتحقق بتحقق موضوعه ، وهذا هو الذي أنشأ أزلا قبل خلق عالم وآدم ، فلو فرض انه لم يتحقق في الخارج عاقل بالغ مستطيع فلم يتحقق حكم أيضا أصلا ، فالحكم الفعلي عبارة عن الذي أنشأ وليس وراء ذلك شيء آخر ، فلو أنشأ الحكم على العاقل البالغ المستطيع ، فلا محيص من