وجوها ثلاثة : (١).
الأول التصويب الأشعري ، وانه لم يكن في الواقع حكم الا مؤدى الامارات والأصول.
الثاني التصويب المعتزلي ، وهو ما أشرنا إليه ، وحاصله انه وان كان هناك في الواقع حكم يشترك فيه العالم والجاهل ، الا انه قيام الامارة على الخلاف يحدث في المتعلق مصلحة غالبة على مصلحة الواقع ، ويكون الحكم الفعلي هو مؤديات الطرق والأصول.
الثالث التصويب الامامي وهو المصلحة السلوكية على ما يأتي الإشارة إليها.
وبالجملة ، بناء على أصول المخطئة ليس الحكم الظاهري أمرا في قبال الحكم الواقعي ، بل الحكم الظاهري هو عبارة عن الحكم الواقعي المحرز بالطرق والأصول.
( الامر الثاني )
ان جعل الطرق والامارات والأصول انما يكون في رتبة احراز الحكم الواقعي ، ومن هنا كان في طول الحكم الواقعي ولا يعارضه ويزاحمه ، فكما ان احراز الواقع بالعلم يكون في المرتبة المتأخرة عن الواقع ، كذلك ما جعله الشارع بمنزلة العلم من الطرق والامارات والأصول ، حيث إنه جعلها محرزة له تشريعا ، وفردا للعلم شرعا ، فكان الشارع بجعله للطرق والأصول خلق فردا آخر للعلم في عالم التشريع ، ونفخ فيها صفة الاحراز وجعلها علما ، فجعل الطرق والأصول انما يكون في واد الاحراز واقعا في رتبة العلم ، وهذا معنى حكومتها على الواقع ، فان معنى حكومتها عليه ، هو انها محرزة للواقع وموصلة إليه ، لا انها توجب توسعة أو تضييقا في ناحية الواقع.
وبالجملة : ليس حال الطرق والامارات والأصول الا كحال العلم في
__________________
١ ـ راجع الرسائل ، أو مباحث حجية الظن. ص ٢٤