على العلم بالنتيجة ، بل العلم بكلية الكبرى يكون موقوفا على مباد اخر : من عقل ، أو كتاب ، أو سنة.
وهذا بخلاف القضية الخارجية ، فإنها لا تقع كبرى القياس بحيث تكون النتيجة موقوفة عليها ثبوتا ، وان كان قد يتوقف عليها اثباتا ، كما يقال للجاهل بقتل زيد : زيد في العسكر ، وكل من في العسكر قتل ، فزيد قتل ، فان العلم بقتل زيد وان كان يتوقف على العلم بقتل كل من في العسكر الا انه لا يتوقف على ذلك ثبوتا ، إذ ليس مقتولية كل من في العسكر علة لمقتولية زيد ، بل علة مقتولية زيد هو امر آخر بملاك يخصه ، فالقضية الكلية الخارجية ليست كبرى لقياس الاستنتاج بحيث تكون كليتها علة لتحقق النتيجة.
ومما ذكرنا ظهر : اندفاع الدور الوارد على الشكل الأول الذي هو بديهي الانتاج ، فان منشأ توهم الدور ليس الا تخيل توقف العلم بكلية الكبرى على العلم بالنتيجة ، مع أن العلم بالنتيجة يتوقف على العلم بكلية الكبرى ، والحال انه قد عرفت ان العلم بكلية الكبرى في القضايا الحقيقية لا يتوقف على العلم بالنتيجة ، بل يتوقف على مباد أخر : من عقل أو كتاب ، أو سنة ، أو اجماع.
والقضايا المعتبرة في العلوم انما هي القضايا الحقيقية ، ولا عبرة بالقضايا الخارجية ، لان القضية الخارجية وان كانت بصورة الكلية ، الا انها عبارة عن قضايا جزئية لا يجمعها عنوان كلي ، كما عرفت. فالقياس الذي يتألف من كبرى كلية على نهج القضية الحقيقية لايكون مستلزما للدور ، لما تقدم من أن النتيجة ثبوتا واثباتا تتوقف على كلية الكبرى ، ولا عكس. والقياس الذي يتألف من قضية خارجية أيضا لا يستلزم الدور ، فان النتيجة ثبوتا لا يتوقف على الكبرى ، بل ثبوت النتيجة له مبادئ أخر لا ربط لها بالكبرى ، على عكس نتيجة القضية الحقيقية.
وكان من توهم الدور في الشكل الأول قد خلط بين القضية الخارجية والقضية الحقيقية ، والحال انه قد عرفت انه لا ربط لإحدى القضيتين بالأخرى. وقد وقع الخلط في عدة موارد بين القضيتين ، قد أشرنا إلى جملة منها في الشرط المتأخر ، وسيأتي جملة منها في محله أيضا.