النواهي ومطاويها. وعن مداليل هذه الكلمات ، وعن المنطوق والمفهوم ، وعن العموم والخصوص والتخصيص ، وعن الاطلاق والتقييد ، وعن الاجمال والتبيين ، وعن حقيقة النسخ وكيفية الناسخ والمنسوخ ، وغير ذلك مما لا يستغنى عن تحقيقه من يتصدى لاستنباط « الواقع » واستخراجه من الأدلة التفصيلية التي اعتبرها الشارع واعتمد عليها التابع.
فتحصل عن جميع هذه المباحث علم جديد في عالم الاسلام ، علم أوجده كثرة العناية بأحكام الدين وشدة العلاقة باحراز « الواقع » من طريق القطع واليقين.
علم يحتاج إلى الانتفاع بمضامينه والاستناد إلى أصوله وقوانينه كل من كان له مساس القانون باقسامه وأفانينه ، علم لا يختص « المنفعة » فيه بحملة الفقه وان اختص الفقيه بالاستفادة منه ، علم ابتكره الاسلام ويكون تأسيسه من مفاخر الاعلام.
الا وهو علم أصول الفقه.
ـ ٥ ـ
وجود علل أشرنا إلى بعضها آنفا أنتج حدوث علم في العلوم الاسلامية لتحقيق أدلة الاستنباط ومداركها ، وتنقيح مسائل الفقه وتوضيح مسالكها.
وقد بحثنا في مقدمة مختصرة علقناها على تقريراتنا الأصولية عن تلك العلل والعوامل. وفحصنا عن زمان حدوث هذا النسخ من المباحث والمسائل ، وشخصنا البصر لتشخيص أول من شرع في تدوين هذا العلم الحادث ، ودرسنا تاريخ العلم للاطلاع على أول عصر توجه فيه اعتماد فقهاء الشيعة نحو هذه المباحث ، وأتممنا الدراسة بالحديث عن كيفية مجاراتهم مع هذا العلم بتتابع البحث وسرد التصنيف والتأليف من بادئ بدء الاستناد به ، والانتحاء لتدوين مطالبه إلى عصرنا الحاضر وبالوضع الموجود ، وألممنا في ختام الكلام بما الف في عصرنا من المؤلفات المهام ، واما الآن فلما لا يساعدني الحال ، ولا يسعني المجال لبسط المقال ، فلنقتصر بالإشارة إلى بعض تلك الأحوال.