فنقول وعلى الله الاتكال (١) :
ـ ٦ ـ
اعلم أن بعض مباحث الأصول كانت في القرن الأول كما أشرنا موردا للبحث والنظر ولكنه لم يخرج الأصول إلى عرصة التدوين والتأليف الا بعد مضى النصف الأول من القرن الثاني.
وقد صرح جمع من الجهابذة كابني خلكان وخلدون. وصاحب كشف الظنون بان أول من صنف في أصول الفقيه محمد بن إدريس الشافعي ، بل نقل عن كتاب « الأوائل » للسيوطي اطباقهم على ذلك حيث قال : « أول من صنف في أصول الفقه ، الشافعي بالاجماع ».
لكني لست على يقين من ذلك ، بل المحتمل عندي ان يكون أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم ، وهو أول من لقب ب « قاضي القضاة » سابقا على الشافعي بتأليف الأصول ، لان القاضي توفى في سنة ( ١٨٢ ه. ق ) والشافعي مات في سنة ( ٢٠٤ ه. ق ) وقد قال ابن خلكان في ترجمته : ان أبا يوسف « أول من صنف في أصول الفقه وفق مذهب أستاذه أبي حنيفة ».
وهكذا يحتمل جدا ان يكون محمد بن حسن الشيباني فقيه العراق ، الذي لما مات هو والكسائي في يوم واحد بري وكانا ملازمين للرشيد في سفره إلى خراسان قال في حقه الرشيد : « دفنت الفقه والأدب بر نبوية (٢) » مقدما على الشافعي في تأليف الأصول لان الشيباني توفى ( سنة ١٨٢ ه. ق أو سنة ١٨٩ ) وقد صرح ابن النديم في « الفهرست » بان للشيباني من مؤلفاته الكثيرة تأليف يسمى ب « أصول الفقه » وتأليف سماه « كتاب الاستحسان » وتأليف « كتاب اجتهاد الرأي ». على أن الشافعي ، بتصريح من ابن النديم ، لازم الشيباني سنة كاملة و
__________________
١ ـ ومن أراد اطلاعا أزيد فعليه بمراجعة التعليقة المزبورة ، وإذا شاء إحاطة كاملة على الموضوع فليسئل الله ان يوفقنا لاتمام طبع كتاب ألفناه في تاريخ الفقه الاسلامي ونحولاته ، وقد طبع منه إلى الان عدة صفحات.
٢ ـ وهي على ما في معجم البلدان قرية كانت قرب الري.