يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ) (١) بمعنى أنّ الأجر الذي احتسبه لي هو اتخاذكم إلى اللّه سبيلاً ، أي أن الإيمان بالدعوة نفعه لكم ، حتى لا تشكّوا في نصيحتي لكم بأني أرجو أجراً دنيوياً من وراء تبليغ الرسالة ، وفيه مبالغة في نفي الأجر.
وممّن ذهب إلى هذا الرأي السيد العلامة الطباطبائي ، قال : ومن المتيقن من مضامين سائر الآيات التي في هذا المعنى أنّ هذه المودة أمر يرجع إلى استجابة الدعوة ، إما استجابة كلّها ، وإما استجابة بعضها الذي يُهْتَمّ به ، وظاهر الاستثناء على أيّ حال أنّه متصلٌ بدعوى كون المودّة من الأجر ، ولا حاجة إلى ما تمحّله بعضهم بتقريب الانقطاع فيه. (٢)
وممّن قال من المفسّرين بالاستثناء المتصل الزمخشري والرازي في أحد قوليهما ، وابن حجر الهيتمي (٣) في صواعقه.
وقد اختلف المفسرون فيه إلى آراء عدة ، منها :
الأول : المراد من القربى ، هو القرب أو التقرّب ، ويكون معنى الآية أن أجر الرسالة هو أن تودّوا كل عمل من شأنه أن يقرّبكم إلى اللّه تعالى ، وأن تودّوا طاعته.
ويرد عليه أنه لا يوجد ممّن خُوطب بهذه الآية وهو لا يرى عليه السعي
__________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٥٧.
(٢) الميزان / الطباطبائي ١٨ : ٤٣.
(٣) الكشاف / الزمخشري ٤ : ٢٢٣ ، مفاتيح الغيب / الرازي ٩ : ٥٩٤ ، الصواعق المحرقة / ابن حجر ٢ : ٤٩١.