البدلية المؤيدة بنفي الخلاف صريحا وظاهرا ، مع السيرة القاطعة بين العوام والعلماء وخلو الخطب والمواعظ وعدم ذكر احد له في الواجبات ، لا سيما عند الاحتضار وعدم الإلزام به من النبي (ص) والصحابة والتابعين والأئمة (ع) لأحد من المحتضرين من نسائهم وأصحابهم ، وعدم أمر النبي (ص) أصحابه عند جهاد المشركين ، ولا أمير المؤمنين في جميع حروبه لا سيما حرب صفين ، ومفهوم قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ ) (١) الدال على نفي وجوب الوضوء عند عدم الشرط. وما يقال ان المنفي انما هو الوجوب لها لظهور المنطوق فيه وهو لا ينافي الوجوب النفسي ، يدفعه شهادة العرف بخلافه ، كما انه يدفع أيضا احتمال عدم حجية المفهوم في خصوص المقام لمكان وجود فائدة له غير التعليق وهي التنبيه على شرطيته للصلاة ، مع ان اعتبار مثل ذلك ساد لباب حجية مفهوم الشرط. وكذا ما يقال من ان المراد بالأمر بالغسل إنما هو الوجوب الشرطي دون الشرعي بدليل شمول الصلاة للنافلة ولا يجب ذلك شرعا لها إجماعا ، بمنع الشمول أولا لتبادر العهدية الذهنية وعلى تقديره فخروج النافلة عن الحكم الشرعي المستفاد من الأمر دون الوضعي المستفاد منه أيضا غير قادح ، فتأمل. كما انه لا يقدح تقييد وجوب الوضوء في الفريضة بما بعد دخول الوقت لعدم وجوبه قبله ، إذا أقصاه زيادة قيود في سبب الوجوب ويكون المفهوم حينئذ عدم الوجوب عند عدمها أو عدم واحد منها. والحاصل ان خروج بعض ما يدخل في المنطوق لدليل كخروج ذلك من المفهوم أيضا لا يقدح فيما ذكرنا. ولقد وقع في المقام في المدارك ما يقضي منه العجب فلا حظ وتأمل ، وكأن دلالة الآية على ما ذكرنا من الظهور لا يحتاج الى التطويل ، ولذا جعلها جماعة من الأصحاب قرينة على وجوب الغسل لغيره باعتبار عطف قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً ) (٢) على ما هو كذلك كما ستسمعه في محله ان شاء الله ، وقوله عليهالسلام في خبر زرارة (٣) : « فإذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة »
__________________
(١) سورة المائدة آية ٨.
(٢) سورة المائدة آية ٨.
(٣) المروي في الوسائل في الباب ـ ٤ ـ من أبواب الوضوء حديث ١.