ليس منه حينئذ قطعا كما هو واضح ، وان أراد غير ذلك كان عليه ان ينص عليه. ولعل التأمل فيما نحن فيه وفي نظائره من التراكيب يشهد لما قلنا من عدم العموم فتأمل. وكذا ما يقال من ان المستفاد من علماء المعاني ان المفهوم تابع للمنطوق ان عاما فعاما وان خاصا فخاصا ، كما ذكروا ذلك في وجه فساد قول القائل ( ما أنا رأيت أحدا ) قالوا تخصيص المتكلم نفسه بعدم الرؤية على وجه العموم يقتضي أن يكون أحد غيره رأى كل أحد. فيه ما لا يخفى فان ذكر علماء المعاني لو سلم وسلم منافاته لما قلنا ليس حجة في نفسه ، وكيف والعرف أعدل شاهد في ذلك كله. ونحوهما ما يقال أيضا من انه يلزم خلو كلام الحكيم عن الفائدة في المفهوم حينئذ. وفيه انه موقوف على العلم بان الشارع جاء بهذه العبارة لأجل بيان الحكم في المنطوق والمفهوم ، وانه أراد فهم ذلك من هذه العبارة حتى يحمل لفظ شيء في المفهوم على العموم ، ودون إثباته خرط القتاد ، فإنه قد يكون لبيان حكم المنطوق ، أو له ولما سئل عنه من النجاسات الخاصة ، فإنه يستفاد منه النجاسة بها. على انه ان سلمنا ذلك فليس عمومه حينئذ إلا من جهة الحكمة وحاله كحال المطلق لا يشمل مثل ماء الغسالة ، وتمام الكلام في ذلك المبحث.
ومنها قول الصادق عليهالسلام (١) في صحيح محمد بن مسلم قال : « قلت ان الغدير فيه ماء مجتمع تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب ، قال : إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء ». ومنها قول الكاظم عليهالسلام (٢) في صحيح علي بن جعفر عليهالسلام قال : « سألته عن الدجاجة وأشباهها تطأ العذرة ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة؟ قال : لا إلا ان يكون كثيرا قدر كر من ماء » ومنها قول الصادق عليهالسلام (٣) في صحيح إسماعيل بن جابر قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الماء الذي لا ينجسه شيء ، قال : كر ، قلت : وما الكر » الى آخره.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٥.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٧.