وأما صحيحه الآخر المشتمل على الرعاف فهو ـ مع ابتنائه على ( عدم ) (١) نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف من الدم ومعارضته بخصوص ذلك في خبر علي بن جعفر المتقدم في أدلة النجاسة ـ مشتمل على التفصيل بالاستبانة وعدمها. وهي كما انها حجة له حجة عليه وحمل الاستبانة على التغير فهو مع بعد حصول تغير الإناء بالقطع الصغار من الدم بعد الامتخاط ، ليس بأولى من حمل الاستبانة وعدمها على العلم بالإصابة وعدمها ، بل قد يدعى ظهوره. وإصابة الإناء مع احتمال ارادة ظن إصابته لا يقتضي إصابة الماء.
وأما حسنة محمد بن ميسر فقد قيل انها نص في المطلوب ، فمع الغض عما في السند وإرادة النجس شرعا من لفظ القذر وموافقتها للعامة وربما يرشد إليه الأمر بالوضوء ، لم يعلم انه أراد بالقليل ما دون الكر. وظهور ذلك في لسان الفقهاء لا يقتضي ظهوره في ذلك الزمن ، بل الظاهر عدمه ، بل في هذا الزمان ، والإطلاق انما هو في ألسنة الخواص ، مع ظهور الرواية ان ذلك لمكان الضرورة فيجري فيها ما ذكرنا. وكيف كان فدعوى النصوصية لا وجه لها.
وأما خبر زرارة الدال على سقوط الفأرة في الرواية ، فمع كونها في غاية الضعف كما قيل وكون الرواية أقل من كر ، قد اشتملت على ما لا يقول به الخصم من التفصيل بالتفسخ وعدمه. وحمله على التغير لا وجه له لانفكاكه عنه. مع انه ان لم تغيره قبل التفسخ من الانتفاخ ونحوه لم تغيره بالتفسخ. مع ان ظهورها في عدم جريان الحكم في غير أوعية الماء قاض بعدم حمل التفسخ على التغير وإلا لتساوى الجميع ، والامام لا يناسب حاله بيان المقدار الذي يتغير والذي لا يتغير فإنه أمر حسي غير محتاج الى البيان. وكيف كان فهي ضعيفة السند متروكة الظاهر.
وأما روايته الأخرى المشتملة على كون جلد الخنزير دلوا فهي مع الغض عما في سندها لا دلالة فيها على استعمال ما يخرج به ، والاستقاء به لا يقضي بذلك بل الظاهر
__________________
(١) كلمة ( عدم ) أضيف في نسخة الأصل تصحيحا ولعل الأولى حذفها.