التنجيس بملاقاة النجاسة مع القلة لكونهما ماء واحدا قليلا لاقى نجاسة ، واللازم باطل لعدم سراية النجاسة من الأسفل إلى الأعلى فالملزوم مثله ، لأنا نقول خروج ذلك بالإجماع لا يقضي بعدم الاتحاد ، وإلا لو قضى بذلك لكان اللازم منه عدم سراية النجاسة من العالي الى السافل مع حصول النجاسة إجماعا ، كما في سائر المائعات ، فلو كان عدم سراية النجاسة من الأسفل إلى العالي دليلا على عدم الاتحاد وعدم شمول قوله عليهالسلام : « إذا كان الماء » الى آخره ونحوه له لأمكن معارضته بان سرايته من العالي الى السافل دليل على الاتحاد ، وإلا لما حصل نجاسة السافل بنجاسة العالي. على انك قد عرفت سابقا ان مسألة النجاسة ليست مبنية على الاتحاد والتعدد بل المدار فيها على مطلق الملاقاة مع كون الملاقي بالفتح متصلا بعضه ببعض.
لا يقال إن الأخبار الواردة في حكم الكر اشتراطا وكمية ظاهر أكثرها كون الماء مجتمعا وكونه واحدا وكثيرا ، وشمولها لكثير من أفراد المقام محل نظر بل منع. وكيف لا مع انه لا عموم لغوي فيها ، بل عمومها انما هو من جهة الحكمة ونحوها ، ولا ريب أن حملها على الأفراد المعهودة المتعارفة سيما مع تقدم السؤال عن بعضها يكفي في بيان وجه الحكمة ، مع انها هي بنفسها ظاهرة في المياه المجتمعة المتقاربة الأجزاء ، كقوله عليهالسلام (١) في خبر إسماعيل بن جابر حين سأله عن الماء الذي لا ينجسه شيء فقال : « ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته » ونحوها من الأخبار (٢) الدالة على المساحة ، وكذلك مثل خبر صفوان (٣) المتضمن للسؤال عن الحياض التي بين مكة والمدينة حيث سأله : « وكم قدر الماء؟ قال : قلت الى نصف الساق » الى آخره ، مع أن الكر الذي وقع تحديد الماء الذي لا ينفعل به عبارة عن مكيال مخصوص يكال به الطعام. وأيضا فإن اجتماع الأجزاء يورث قوة على قهر النجاسة لتوزعها على الأجزاء بخلاف ما لم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ١٢.