في الأشبار على المعتاد ، ولا يقدح هذا الاختلاف اليسير في تفاوت الأشبار المعتادة ، ولعله لذلك ارتكب القول بالتقريب قائله. وفيه انه لا يقضي بالتقريب في أصل المقدار أي الثلاثة الأشبار ونصف بحيث يتسامح بالناقص عنها بالشبر المعتاد ، على ان المراد
__________________
ومن لم يفقه المراد من علم الغيب المدعى لهذه الشخصيات نخب العوالم وسر الكائنات ولا أدرك كنههم تأخذه الحيرة في الايمان بسعة العلم لهم فيتسارع إلى إنكار ما حباهم المولى سبحانه به ، وإذا كان سليمان يفقه منطق الطير وكلام النملة إقدارا له من المهيمن تعالى شأنه وتمكينا له على ذلك فلا يفوت هذا العلم عمن حاز أرقى صفات الجلال والجمال وتخطى الى أعلى مستوي الفضائل.
وإنكار الصادق عليهالسلام اطلاعه على هذا العلم مدعيا بأنه لما هم بضرب جاريته وهربت منه لم يعلم بها في أي بيوت الدار ـ لا يكون حجة للمنكرين بعد جهالة رواة الحديث كما في مرآة العقول ، وحضور المجلس من لا قابلية له على تحمل غامض علمهم كداود الرقى ويحيى البزار ، فيكون غرضه من النفي تثبيت عقيدتهم وعدم تزلزلهم ، ويؤيده أن سدير الراوي لهذا الحديث دخل عليه في وقت آخر وذكر له استغراب ما سمعه منه من نفى العلم بالغيب فطمنه أبو عبد الله عليهالسلام بأنه يعلم ما هو أرقى منه وهو العلم بالكتاب كله ، وما حواه من فنون المعارف وأسرار الكائنات.
مع انه يحتمل ان يريد من نفى العلم بمكان الجارية ( الرؤية بالبصر ) فقوله عليهالسلام ( ما علمت ) اى ما رأيتها بعيني في أي بيت دخلت والتورية في كلامهم جارية لمصالح يعرفونها ، وإلا فمن يقول في صفة علمه لم يفتني ما سبقني ولم يعزب عنى ما غاب عنى لا يخفى عليه أمر الجارية.
كما ان ما ورد عنهم عليهمالسلام من ان الامام عليهالسلام إذا أراد ان يعلم شيئا أعلمه الله لا دلالة فيه على تحديد علمهم بوقت خاص ، بل الحديث يدل على ان إعمال تلك القوة القدسية الثابتة لديهم منذ الولادة موقوف على إرادتهم المتوقفة على وجود المصلحة في إبراز الحقائق المستورة وإظهار ما عندهم من مكنون العلم ، على ان هذا المضمون ورد في أحاديث ثلاثة ردها المجلسي في مرآة العقول بضعف بعض رجالها وجهالة الآخرين.