وموضع من التهذيب زيادة البغل ، وهو الحجة فيه لعدم التنافي بينهما ، وفي المنتهى أن أصحابنا عملوا فيها بالحمار ، ولذلك قال في الذكرى : الثالث كر للحمار والبغل في الأظهر عن الباقر عليهالسلام وليس في بعض الروايات البغل ، وعدم عمل الأصحاب بما تضمنته بالنسبة للجمل لا يخرجها عن الحجية كما توهمه في المدارك ، وقصور السند منجبر بالشهرة ، وفي الذكرى جعل المستند في الفرس والبقرة الشهرة ، وهو مبني على أصل لا نقول به ، ولذا حكي عن المعتبر إدخال الفرس والبقر فيما لا نص فيه ، ولا ينافيه كما في كاشف اللثام صحيح الفضلاء (١) عن الصادقين عليهماالسلام « في البئر تقع فيها الدابة والفارة والكلب والطير فيموت قال : يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب وتوضأ » ونحوه خبر البقباق (٢) عن الصادق عليهالسلام لإجمال الدلاء ، فلا يتيقن الطهارة إلا بنزح الكل ، ولا قرينة في الاقتران بما اقترن بها على شيء ، ولا جهة لأن يقال الأصل عدم الزيادة على أقل ما يدخل في الدلاء ، وهو عشرة أو أحد عشر أو ثلاثة ، فإن الأصل بقاء النجاسة إلا على القول بالتعبد انتهى. وفيه انهما ظاهران في المنافاة له لإطلاق لفظ الدلاء فيهما الصادق في الأقل بناء على عدم الفرق بين جمع القلة والكثرة وهو الأصح ، وإلا كان التقدير بمضمونه ، فدعوى الاجمال لا معنى لها ، كما أنه لا معنى للتمسك بالأصل بعد مجيء الإطلاق ، فإن قلت : نحن نقطع بعدم إرادة الإطلاق من حيث هو للإجماع على عدم الاكتفاء به لشيء مما سئل عنه ، بل المراد به مقدار مخصوص ، لكن لما كان المقدار المخصوص مختلفا بالنسبة للمسوؤل عنه جاء بالقدر الجامع بين الجميع وهو نزح دلاء ، وترك البيان إما لانه بينه ولم ينقل إلينا أو انه كانوا عالمين به أو لم يكن وقت حاجة أو نحو ذلك. قلت : الكلام في دلالة الرواية في حد ذاتها من غير نظر الى كلام الأصحاب ، ولا ريب في دلالتها ، وأيضا هي وان كانت مجملة بالنسبة إلى المقدار لكنها تفيد انها لا ينزح لما سئل عنه الجميع وإلا لم يقل دلاء.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ـ ٥.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ـ ٦.