بعد أن سأله عن وقوع الشاة المذبوحة التي تشخب أوداجها دما في البئر فقال : « ينزح منها ما بين الثلثين إلى الأربعين قال : وسألته عن رجل ذبح حمامة أو دجاجة فوقعت في بئر هل يصلح أن يتوضأ منها؟ قال : ينزح منها دلاء يسيرة وفي رواية عمار الساباطي (١) قال : سئل أبو عبد الله عليهالسلام « عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر؟ فقال عليهالسلام : ينزح دلاء » وفي صحيح ابن بزيع « في البئر تقطر فيها قطرات من بول أو دم فقال عليهالسلام : ينزح منها دلاء » إلا أنه ينبغي تنزيلها على العشر ، فالمطلق في هذه الأخبار منزل على المقيد لإجماع الغنية المعتضد بنفي الخلاف من ابن إدريس والشهرة في كشف اللثام ، وفيه أيضا انهم حملوا مطلق الخبرين على العشر لأنه أكثر عدد يميز بالجمع ، ولان قيد اليسيرة قد يصلح قرينة على إرادة معنى جمع القلة ، قلت : هذا التوجيه منقول عن الشيخ ، واعترضه في المعتبر بانا لا نسلم انه إذا جرد عن الإضافة كانت حاله كذا إذ لا يعلم من قوله عندي دراهم أنه لم يجز عن زيادة عن عشرة ، ولا إذا قال أعطه دراهم يعلم انه لم يرد أكثر من عشرة فإن دعوى ذلك باطلة ، واعترض المعتبر في المنتهى بأن الإضافة هنا وان جردت لفظا لكنها مقدرة وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ثم قال إذا عرفت هذا فنقول لا بد من إضمار عدد يضاف اليه ، فيحمل على العشرة التي هي أقل ما يصلح إضافته الى هذا الجمع أخذا بالمتيقن وحوالة على الأصل من براءة الذمة ، واعترض المنتهى في المدارك بأنه لا يلزم من عدم تقدير الإضافة هنا تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وإنما يلزم لو لم يكن له معنى بدون التقدير ، والحال أن له معنى كسائر صيغ الجموع ، ولو سلم وجوب التقدير لم يتعين العشرة ، وقوله ان أقل ما يصلح الى آخره ممنوع وانما أقله ثلاثة ، فيحمل عليها لأصالة البراءة من الزائد.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٢.