لا تساوي عقلا ولا شرعا ولا عرفا ، ولعل القائل بذلك مستند إلى أخبار زوال التغيير بنفسها ، إلا أنه خرج حالة الاختيار بدليل ، فبقيت حالة الاضطرار داخلة ، وقوله إن القول بالتراوح عند الاضطرار قياس أحد المختلفين إلى آخره فيه ما عرفت أنه ظاهر أخبار التراوح مع فهم الأصحاب جريانه في كل ما ينزح له الجميع وتعذر لغلبته ، ولذلك أجروه فيما لا نص فيه بناء على أنه ينزح له الجميع ، فتأمل. وفي ( الخامس ) أنه لا تشبيه أولا ، وقوله لأن له مادة لا يقضي بذلك ، غايته استفادة المادة للجاري وللبئر منه ، وأين ذلك مما ذكر ، وثانيا انه مبني على القول بطهارة البئر إلا بالتغير ، وفرض كلامنا على تقدير النجاسة ، فتأمل.
( الثاني ) من الأقوال وجوب نزح أكثر الأمرين من المقدر وما يزول به التغيير ، هذا في المنصوص الذي نصه غير نزح الجميع ، وأما فيه وفيما لا نص فيه فينزح الجميع ، ومع التعذر فالتراوح ، كما عن ابني إدريس وزهرة والعلامة في المختلف والشهيد الثاني في الروض ، وهو الأقوى جمعا بين الأدلة ، ضرورة عدم البحث فيه حيث يتساوي المقدر وما به يزول التغيير ، أو إذا زاد ما زال به التغيير ، إنما الكلام فيما إذا زاد المقدر ، والمتجه وجوبه ، لشمول دليله له المعتضد بالأصل ، وحصول التغيير لا يرفعه ، وما دل على الاكتفاء بالنزح حتى يزول التغيير لا يقضي بطهارة البئر من كل جهة ، بل إن قضي فهو بالمفهوم المعارض بما دل على وجوب المقدر الظاهر في توقف الطهارة عليه ، بل ينبغي أن يجب تمام المقدر بعد زوال التغيير ، كما يظهر من بعضهم لو لا ما يظهر من الأخبار أن المقصود زوال التغيير على أي وجه يكون ولو باستيفاء المقدر ، فان قوله انزح حتى يزول التغيير يصدق على نازح المقدر أنه نزح حتى زال التغيير ، والنية غير معتبرة ، فيتجه حينئذ دعوى دخول الأقل هنا في الأكثر ، لأنه ينحل عند التأمل إلى أن موت الكلب في البئر مثلا انزح له أربعين ، وإن تغيرت البئر فأزل التغيير بنزح كائنا ما كان ، فإن أزلت التغيير بنزح المقدر امتثلتهما قطعا ،