الميت مما توقي منه نفسك » والظاهر أن مراده الفقه الرضوي ، وحمل النهي للكراهة مع صحة السند في بعضها ، لما عرفت من الإجماع من الشيخ على الكراهة ، وفي المدارك اتفاق الأصحاب على أنه غير محرم ، والظاهر أنه كذلك ، فما في السرائر ان الماء الذي يسخن بالنار لا يكره استعماله في حال لا وجه له إن أراد حتى غسل الأموات ، نعم هو في غير ذلك متجه ، إذ لا كراهة في الوضوء به ونحوه ، بل في الخلاف أنه قال به جميع الفقهاء إلا مجاهد ، فإنه كرهه ، وفي المنتهى لا بأس باستعماله ، خلاف لمجاهد ، بل يكره تغسيل الميت به ، وما في صحيح محمد بن مسلم ذكر أبو عبد الله عليهالسلام (١) « أنه اضطر اليه وهو مريض ، فأتوه به مسخنا ، فاغتسل وقال : لا بد من الغسل » لا دلالة فيه على الكراهة ، إذ لعل المراد أنه اضطر الى الغسل.
وكيف كان فظاهر الأصحاب خصوص التسخين بالنار ، إما لأنهم اكتفوا عن ذكر الكراهة بالمسخن بالشمس بما تقدم ، لكن فيه أنه يقضي بكراهة الغسل للأموات في الشمس ، والظاهر خلافه لظهور ما تقدم من الأدلة في خلافه ، مع التعليل بالبرص نعم قد يقال بالكراهة للمستعمل المباشر نفسه ، كما ذكرنا سابقا فتأمل ، أو من جهة ظهور روايات المقام في ذلك ، لتبادره ولقوله لا تعجل له النار على وجه ، أو لأن المقصود أن المسخن بالنار المكروه منه ذلك من غير تعرض لغيره ، أما لو كان مسخنا بغيرها فالظاهر منهم عدم الكراهة ، لكن قد يشكل بتناول بعض الروايات له ، كقوله (ع) (٢) « لا يقرب الميت ماء حميما » ونحوه ثم الظاهر من قوله لا يقرب ماء حميما مع قوله في الآخر لا يعجل له النار عدم الفرق في ذلك بين الغسل وغيره من إزالة الوسخ ونحوه ، ويرشد اليه استثناء الشيخ رحمهالله ما إذا كان على بدنه نجاسة لا يقلعها إلا الماء الحار ، ومثله ما في المهذب من استثناء تليين الأعضاء والأصابع ، إلا أن يريد به الغسل للتليين ، فما يظهر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الماء المضاف ـ حديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٢.