بل قد عرفت ان المنقول عن أكثر المتقدمين خلافه ، ومع ذلك فهي معروفة المستند ، ولا أقل من تصادم جميع ما ذكرنا ، ويبقى أصل الطهارة واستصحاب طهارة الملاقي وغيرهما سالما ، ولذا اعترف في الذكرى بأنه لم يبق دليل سوى الاحتياط ، كالمحقق الثاني حيث قال : والعمل على المشهور بين المتأخرين ، وقوفا مع الشهرة والاحتياط ، هذا. وأنت خبير ان قضية ما ذكرنا من القاعدة تخصيص الطهارة بالغسلة التي يحصل الطهارة للمحل بها ، لأنها هي المورثة للمحل طهارة ، فلا تكون نجسة وأما ما تقدمها حيث تكون لا تفيد المحل طهارة فلا تجري فيها القاعدة ، فيكون من قال : بالطهارة مطلقا بل طهارة مطلق الوارد وإن كان في غير مقام التطهير لهذه القاعدة غير متجه ، لعدم اقتضاءها ذلك ، فتكون أخص من الدعوى ، بل يظهر من المنتهى ان محل النزاع فيما ذكرنا من الغسلة التي تحصل طهارة المحل بها ، فيمكن حينئذ إرجاع كلام الشيخ في الخلاف على ما نقل عنه من نجاسة الغسالة الأولى دون الثانية اليه ، ولعل وجه من قال بطهارة الجميع أنه الذي أفاد طهارة المحل لا الأخير فقط ، كما يظهر من استدلال الشيخ المنقول عنه في الخلاف للحكم بطهارة غسالة إناء الولوغ من غير فرق بين الأولى والثانية والثالثة مضافا الى ما ذكرنا من أصل الطهارة ، وتسمع إن شاء الله تمام الكلام.
( وأما الدليل الثاني ) وهو رواية العيص (١) فهي ـ مع كونها مضمرة ومقطوعة ، ورواية المعتبر له مع حكمه بضعفها لا تورثها شيئا ، وأما رواية المنتهى لها فمن المقطوع انه تبع بها الشيخ ، وكون الشيخ يروي عن العيص في بعض كتبه بطريق حسن لا يقضي بروايته عنه في غيره كذلك ، واحتمال أنه أخذها من كتابه مع كونه معتمدا عنده بطريق معتبر معارض باحتمال عدمه ، مع احتمال إرادة الوضوء ما كان متعارفا من أحوال بعض المرضى انه يؤتى له بطشت فيبول فيه ويتغوط ويستنجي فيه ، فقد يكون إنما أمره
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المضاف ـ حديث ١٤.