الغيبوبة ومعها مع احتمال الولوغ في ماء كثير بالطهارة ، بل ظاهر المنقول عنه أنه يحكم بطهارة الماء استصحابا له ، ولا دلالة فيه على طهارة فمها بالغيبوبة ، مع احتمال الطهارة لعدم التلازم بينهما ، ونقل في الحدائق قولا بالنجاسة من غير فرق بين ما إذا غابت أو لم تغب ، احتمل ولوغها في ماء كثير أولا ، ولم ينقله غيره عن أحد من أصحابنا ، ولعله أراد أحد وجهي الشافعية المتقدم ، وفي المهذب البارع وعن جمع من المتأخرين تعدية الحكم بالطهارة بمجرد الزوال لكل حيوان غير الآدمي ، ولكل نجاسة ومتنجس ، واستحسنه في المدارك.
وكيف كان فأقصى ما يمكن أن يستدل به لذلك إطلاق الروايات (١) بل عمومها لنفي البأس عن أسآر الحيوانات الشاملة لمثل المقام ، سيما الحيوانات التي قل ما ننفك عن مباشرة النجاسات كالهرة ونحوها ، مضافا الى قوله في خبر عمار (٢) : « كل شيء من الطير يتوضأ مما يشرب منه ، إلا أن ترى في منقاره دما ، فإذا رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب » وفي الوسائل زاد في التهذيب (٣) « أنه سئل عن ماء شربت منه الدجاجة قال إن كان في منقارها قذر لم تتوضأ منه ولم تشرب وإن لم تعلم أن في منقارها قذرا فتوضأ منه واشرب » قلت : لم أجد هذه الزيادة في التهذيب الذي حضرني ، وأنت خبير في دلالة الأول على المطلوب ، فإنه لا ريب في تناوله لما كان وزال ، وكان وجه دلالة الزيادة ان مفهوم الشرط أولا يتناول محل النزاع ، لأن المراد بالقذر عينه ، والتصريح بالمفهوم أخيرا لا ينافيه ، بل قد يظهر من قوله عليهالسلام : إلا أن ترى في منقاره دما الى آخره الظاهر في انه لو لا الاستثناء كان داخلا ان غيره من الأجوبة الدالة على طهارة سؤر الحيوانات شاملة لمثل ذلك ، فإذا قال عليهالسلام مثلا : لا بأس بسؤر الهرة أو كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره مثلا يكون شاملا لما لو كان عليه نجاسة ، أقصى ما هناك خرج المباشرة بعين النجاسة ، فيبقى الباقي ، فلا يقال :
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأسئار.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأسئار ـ حديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب الأسئار ـ حديث ٣.