قال : إن الطهور بالفتح من الأسماء المتعدية وهو المطهر غيره ، وهو ظاهر التذكرة والمنتهى وصريح الذكرى ونسبه المقداد إلى أصحابنا والشافعية. وهو المنقول عن التبيان ومجمع البيان والمسالك الجوادية لقولهم : ماء طهور اي طاهر مطهر مزيل للأحداث والنجاسات ، وعن نهاية ابن الأثير ان الطهور في الفقه هو الذي يرفع الحدث ويزيل النجس ، لان فعولا من أبنية المبالغة فكأنه تناهى في الطهارة. قال : ومنه حديث ماء البحر الى آخره ، وعن المصباح المنير قال : وطهور قيل هي مبالغة وانه بمعنى طاهر والأكثر انه لوصف زائد ، قال ابن فارس : الطهور ، هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره ، وقال الأزهري الطهور في اللغة هو الطاهر المطهر وقوله عليهالسلام هو الطهور ماؤه أي هو الطاهر المطهر ، قاله ابن الأثير ، وفي القاموس ، الطهور المصدر واسم ما يطهر به أو الطاهر المطهر انتهى ، وعن الزمخشري أنه حكاه عن أحمد بن يحيى ، وعن المغرب أنه حكاه عن تغلب ، وفي المصابيح للسيد المهدي أن المشهور بين المفسرين وأصحاب الحديث والفقهاء وأئمة اللغة انه بمعنى المطهر أو الطاهر المطهر انتهى.
فظهر لك من جميع ما ذكرنا انه لا ينبغي الشك في استعمال طهور في ذلك ، فما نقل عن أبي حنيفة والأصم وأصحاب الرأي من إنكار ذلك وجعله بمعنى الطاهر لا غير مستدلين بان فعول الذي للمبالغة لا يكون متعديا وبوروده لهذا المعنى كما في قول الشاعر « ريقهن طهور » وقوله تعالى ( وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً ) غير صحيح ، لما عرفت ، على أن ذلك لا ينافي ما ذكرنا أيضا إذ كما أن استعماله بمعنى فاعل على تقدير تسليمه غير مطرد فإنه لا يقال ثوب طهور وخشب طهور ونحو ذلك فكذا ما نحن فيه فتأمل. نعم قد يقال أنه توقيفي لا يقتضيه القياس من جهة أن فعول الذي هو للمبالغة لا يكون متعديا واسم الفاعل منه غير متعد ولا ريب ان طاهر الا يتعدى ، ومن هنا اعترف في المعتبر وكنز العرفان ان كلام أبي حنيفة موافق لمقتضى القياس اللغوي غير موافق لمقتضى الاستعمال ،