جدا كون هذا المعنى أى كونه بمعنى المطهر معروفا عند أهل اللغة حتى ادعي الإجماع عليه ويخفى على مثل الزمخشري والمطرزي وصاحب الطراز وابى حنيفة والأصم وأصحاب الرأي ، ولم يذكره في الصحاح ، بل يظهر من بعضهم أنه غير مذكور في أكثر كتب أهل اللغة ، وقول كثير من أصحابنا أنه يفيد التطهير وبمعنى المطهر ليس صريحا في ذلك ، بل قد يكون من جهة كونه اسما لما يتطهر به فإنه يفيد هذا المعنى أيضا ، وإن كان لا تنطبق عليه كلمات بعضهم. ومن هنا نقل عن بعضهم انه أورد على الزمخشري ان اعترافه بمجيء الطهور لما يتطهر به يرفع أصل النزاع ، لكونه حينئذ مفيدا للمطهرية.
وكيف كان فلا يخلو القول بإنكار كون الطهور بمعنى المطهر وضعا من قوة ، نعم هو يفيده من كونه اسما لما يتطهر به وكثير مما ذكرنا من الأمثلة لا تأبى الحمل عليه ، فتأمل ، وان كان ما ذكرناه أولا هو الأقوى.
وليعلم انه بناء على تسليم الأول فهل بمعنى الطاهر المطهر أو المطهر؟ ربما ظهر من بعضهم الأول كما ظهر من بعض الثاني ولعله هو الأقوى ، وعليه ظاهر إجماع التهذيب والخلاف وكنز العرفان فإنهم ذكروا أنه بمعنى المطهر من دون قولهم الطاهر المطهر ، ولعل من ذكره أراد التصريح بلازم المعنى ، لأنه متى كان مطهرا كان طاهرا والمناقشة في الملازمة كما يظهر من البحث في الغسالة ليست على ما ينبغي لوجوه ليس هذا محل ذكرها.
( بقي شيء ) وهو انه لا ريب في كون حمل الطهور على المطهرية بالمعنى الشرعي ليس معنى لغويا ، بل هو إما أن يكون من باب النقل الشرعي أو المجاز. والظاهر الأول لثبوت الحقيقة الشرعية فيه ، لكن دعوى ان المراد منه حينئذ المطهر من الأحداث والأخباث محل منع ، فإنهم صرحوا ان استعمال لفظ الطهارة في الثاني من باب المجاز فيكون اللفظ مستعملا في حقيقته ومجازه ، وحمله على عموم المجاز لا قرينة عليه.