ينجس قطعا لظهور وصف النجاسة عليه حقيقة » بل قد يقال انه لا بد أن تؤثر النجاسة فيه اشتدادا فيتحقق التغير حسا.
والحاصل الفرق بين المسألتين وانتقال الذهن في الثانية إلى التقدير دون الأولى يكاد ان يكون من الواضحات ، وكذا كل ما كان من هذا القبيل مما منع من ظهور التغيير فيه مانع ، وكأن التقدير هنا كالتقدير فيما لو مزج بالنجاسة ما هو بلونها مثلا ثم تغير الماء بذلك إذ الظاهر أنه لا إشكال في التقدير. وما وقع في الحدائق من التوقف في الفرق بين الصورتين ، والرياض من الجزم بعدم الفرق بينهما كأنه ليس في محله سيما ما في الأخير فإنه يظهر منه انه لا فرق في ذلك عند كثير ممن صرح بعدم وجوب التقدير في المسلوب. وهو وهم على الظاهر ، ولعلهما أخذاه من ظاهر عبارة الذكرى. نعم قد يتم إلحاق نحو ذلك في المسلوب فيما لو فرض وجود المانع عن أصل التغيير لا عن ظهوره لكونه في الحقيقة تقديرا للتغيير كالمسلوب بخلاف ما تقدم. ودعوى إرجاع ذلك اليه محل منع ، ومنهما يظهر الوجه فيما شك فيه فتأمل. وكيف كان فمما يرشد الى ما ذكرنا من الاحتمال في كلام العلامة ان المحقق الثاني في شرحه على القواعد قال بعد أن ذكر عبارتها : « وكان حق العبارة أن يقول لو وقعت نجاسة مسلوبة الصفات لأن موافقة النجاسة الماء في الصفات صادق على نحو الماء المتغير بطاهر أحمر إذا وقع فيه دم فيقتضي ثبوت التردد في تقدير المخالفة وينبغي القطع بوجوب التقدير » الى آخره. قلت : لكن عرفت أنه لا مانع من حمل العبارة على ذلك. ولعل وجه التردد فيه أنه كالتقدير لخلو الماء من الصفة فلا يصدق معه التغير أيضا وإلا لوجب تقدير الصفة في النجاسة المسلوبة ، ولهذا استشكل بعضهم في الفرق بين المسألتين.
وكيف كان فغاية ما استدل به للعلامة أن التغيير الذي هو مناط التنجيس دائر مع الأوصاف فإذا فقدت وجب تقديرها. وفيه مع أنه إعادة للمدعى وجار في الفاقد أيضا أن المراد بدورانه مع الأوصاف هو صدقه وتحققه ولا يحصل بالتقدير.