وظاهره عدم الفرق في ذلك بين تعدد الواقف واتحاده ، وتعدد المصرف واتحاده ، كما صرح به في الدروس قال : « ويجوز قسمة الوقف من الطلق لا الوقف ، وإن تعدد الواقف والمصرف » بل في القواعد « ولا يصح قسمة الوقف لعدم انحصار المستحق في القاسم ، وإن تغاير الواقف اى مع تغاير الموقوف عليه أو بدونه ، كأن يقف أحد الشريكين في هذه البستان حصته على زيد وأولاده والأخر حصته عليهم أو على عمرو وأولاده ».
لكن في الحدائق الموافقة على ذلك مع اتحاد الموقوف عليه ، سواء تعدد الواقف أو اتحد قال : « وأما لو تعدد الواقف والموقوف عليه بأن كانت الدار مشتركة بين زيد وعمرو نصفين مثلا ، فوقف زيد نصفه على ذريته ، وعمرو نصفه على ذريته ، فإنه يجوز للموقوف عليهم من الطرفين قسمة هذا الوقف. بأن يميز أحد النصفين عن الأخر ، كما يميز الوقف عن الطلق » وقد سبقه إلى ذلك الفاضل في محكي التحرير قال : « ولو قيل : بقسمة الوقف بعضه من بعض مطلقا ، أمكن إذ القسمة ليست بيعا ، والأقرب عدم جوازها ، إذ البطن الثاني يأخذ الوقف عن الواقف ، ولا يلزمه ما فعل البطن الأول ، ولو تعدد الواقف والموقوف عليه فالأقرب جواز القسمة » انتهى.
وفيه : أن المانع أيضا متحقق ، وهو عدم انحصار الحق في الحاضرين ، وعدم ثبوت ولاية المتولي على المعدومين بالنسبة إلى ذلك ، لكن الإنصاف أن ذلك يقتضي عدم جواز قسمة الوقف من الطلق ، باعتبار عدم انحصار الحق في القاسمين مع ذي الطلق واحتمال أن القاسم معه الواقف ـ مع أن مثله يأتي في الفرض ـ يدفعه خروج المال عن ملكه بالوقف ، فلا حق له حينئذ كما لو باعه.
فالتحقيق أن الوقف متى كانت قسمته منافية لما اقتضاه الوقف باعتبار اختلاف البطون قلة وكثرة ونحو ذلك لم يجز قسمته ، أما إذا لم يكن كذلك كما في المثال ، بل فيما لو اتحد الواقف وتعدد المصرف ، مثل ما لو وقف نصف داره على زيد مثلا وذريته والآخر على عمرو وذريته لم يكن بأس في قسمته ، إلا أن المتولي لها الحاضرون من الموقوف عليهم ، وولي البطون وليس ذلك مقتضيا لدخول بعض أجزاء كل نصف