ولكنك خبير أنه لا يجوز الخروج عن ظاهر الآية بمثل هذا المرسل الذي يمكن عدم منافاته للمعنى المراد من الآية أيضا ، فلا ريب حينئذ في استفادة المطلوب من ظاهر الآية ، ضرورة إطلاق النهي فيها من دون تعرض للحاكم ، بل قد يستفاد من مفهوم قوله تعالى (١) ، أيضا ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) كاستفادة عدم توقف زواله على حكم الحاكم.
ودعوى خروجها عن محل النزاع ـ للإجماع على عدم اعتبار الحاكم في الإثبات والإزالة بالنسبة إلى السفه المتصل بعد البلوغ ، وخصوصا الزوال ، إذ لو توقف عليه لطلب الناس عند بلوغهم فك الحجر عليه من الحاكم ، ولكان عندهم من أهم الأشياء فالسيرة القطعية شاهدة على ذلك ، وعن المبسوط « وأما حجر الصبي فإنه يزول ببلوغه ولا يحتاج إلى حكم حاكم ، وفي الناس من قال : لا بد فيه من حكم الحاكم ، وهو خلاف الإجماع » ـ
يدفعها أولا : ما عن نكاح التذكرة من ظهور عموم النزاع مؤيدا بإطلاق كثير منهم هنا ، وثانيا : القطع بعدم الفرق ، ضرورة عدم مدخلية الاتصال بالصغر المنقطع بالبلوغ ، إذ هو سبب جديد غير الأول ، فإن كان لا يمنع من التصرف بالمال إلا بحكم الحاكم ، وجب اعتباره في منع المالك منه ، وكذا الزوال ، والاتصال غير مجد ، بل وكذا يستفاد المطلوب من قوله تعالى (٢) ( فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً ) الى آخره حيث أثبت الولاية بمجرد السفه.
إلى ما ذكرنا يرجع الاستدلال بأن العلة السفه كما يشعر به تعليق الحكم عليه ، فوجوده يستلزم وجود المعلوم ، وعدمها يستلزم عدمه ، وبأنه إن جاز التصرف مع عدم حكم الحاكم لم يكن الرشد شرطا ، وهو باطل بالآية وبأن اشتراط جواز التصرف بالرشد يقضي بأن زوال الشرط يستلزم زوال المشروط ، كما أن منه يظهر الاستدلال أيضا بالإجماع السابق ، بل وبإطلاق النصوص التي هي نحو آية الابتلاء.
__________________
(١) سورة النساء ـ الآية ـ ٦.
(٢) سورة البقرة ـ الآية ٢٨١.