وهو مراد الشيخ من قوله في النهاية : « فإن كان الذي جنى عليه البعير ضرب البعير فقتله أو جرحه كان عليه بمقدار ما جنى مما ينقص من ثمنه يطرح من ديته ما كان جنى عليه البعير » (١) فلا وجه لما عن السرائر من مناقشته « بأنه غير واضح لأن الذي يقتضيه أصول مذهبنا أن لا ضمان بضرب البعير لأنه بفعله محسن » إذ قد عرفت أن المراد ضربه بعد الجناية عليه لا للدفع أو مع اندفاعه بدونه ، والله العالم.
( وفي ضمان جناية الهرة المملوكة تردد قال الشيخ : يضمن بالتفريط مع الضراوة ) وتبعه ابن حمزة وابن إدريس والفاضل وثاني الشهيدين وغيرهم إلحاقا له بالبعير المغتلم والكلب العقور وغيرهما من الدواب التي قد عرفت الضمان بها مع التفريط.
( و ) لكن في المتن ( هو بعيد إذ لم تجر العادة بربطها ) وحفظها بخلاف الدواب إلا أنه كما ترى ضرورة ندرة الضراوة في هرة مملوكة لمعين فلا وجه للاستناد إلى العادة في ذلك ، ومن هنا لم أجد قولا بعدم الضمان وإن أرسله بعض الناس.
نعم للعامة في ضمانها أربعة أوجه : الضمان مطلقا ، وعدم الضمان مطلقا (٢) والضمان بالليل دون النهار ، لأن انتشارها غالبا فيه ، والعكس ، لقضاء العادة بحفظ ما تقصده الهرة بالليل ، بل ظاهرهم البحث في ضمان ما تتلفه الهرة مطلقا ضارية أولا وهو مقام آخر يجرى مثله في الدواب ، نعم لم نجد هنا محررا في كلامهم ، بل ربما أشعر تقييدهم البعير هنا بالمغتلم ونحوه باختصاص الضمان فيه إلا أن المتجه القول فيه بالضمان مع التفريط أيضا بما جرت العادة فيه من حفظها ، بل لعل قوله في المرسل السابق (٣) « ما دامت مرسلة » مشعر بذلك في الجملة ، كما أن ما تسمعه من النص والفتوى في المسألة الحادية عشر دال عليه أيضا ، أما مع عدمه فلا ضمان قطعا للأصل وغيره والنبوي (٤) والمرسل (٥)
__________________
(١) النهاية ج ٢ ص ٧٨٥.
(٢) كانت عبارة الأصل هنا ناقصة فأتممناه.
(٣) أشرنا إلى مصادرها آنفا فراجع.
(٤) أشرنا إلى مصادرها آنفا فراجع.
(٥) أشرنا إلى مصادرها آنفا فراجع.