المقتول مؤمنا وهو في قوم بينكم وبينهم عداوة فعليكم الكفارة ، بل ظاهر اقتصارها على ذلك خصوصا بعد قوله سابقا : ( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ) (١) ولاحقا ( وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ) (٢) عدم الدية أيضا وإلا لم يظهر وجه للتفصيل بين المؤمن في قوم عدو ، وفي قوم بينكم وبينهم ميثاق ، وبين مطلق المؤمن ، وحينئذ فتكون الآية دالة على عدم وجوبها ولو بحسب السياق كما عن الأكثر بل في ظاهر المبسوط وغيره الاتفاق عليه ، وبه حينئذ يخص ويقيد إطلاق ما دل على وجوب الدية للنفس المؤمنة بناء على شموله لمثل الفرض.
خلافا لابن إدريس فأوجب الدية لأن لا يبطل دم المسلم ، لإطلاق الأدلة الذي يكفي في الثبوت وإن لم تذكر في الآية ، ولإجماع أصحابنا على ذلك ، إلا أن الجميع كما ترى ، ضرورة عدم صلاحية الأولين لمعارضة ما ذكرناه من دلالة الآية ، وليس تعرض فيها للدية بل دالة على العدم ، فلا يصلح الإطلاق ونحوه معارضا حتى الإجماع المزبور بعد أن لم نعرف من وافقه عليه ، بل الأصحاب صريحا وظاهرا على خلافه ، ولعل وجهه أنه أوفق بحكمة استيصال المحاربين بعد أن ظنه كافرا ولم تكن ضرورة تلجئه لمكثه في دار الحرب كما هو الفرض.
هذا. ولكن الإنصاف مع ذلك كله عدم خلو الحكم عن إشكال إن لم يكن إجماع ، ضرورة معلومية أحكام قاعدة عدم بطلان دم المسلم.
( و ) كيف كان فـ ( ـلو كان أسيرا قال الشيخ ) في محكي الخلاف والمبسوط والفاضل والصيمري وغيرهم ( ضمن الدية والكفارة لأنه لا قدرة للأسير على التخلص ) فلم يكن مفرطا في هدر دمه كالسابق ، مضافا إلى إطلاق الأدلة وقاعدة عدم بطلان دم المسلم وغير ذلك ، ( و ) لكن ( فيه تردد ) من
__________________
(١) النساء : ٩٢.
(٢) النساء : ٩٢.