ومنه يعلم ما عن التحرير ، من أنه ، « لو قيل بالضمان كان وجها » (١) وربما كان أيضا ظاهر نسبته في المتن إلى الشيخ ، إذ لعل وجهه ، أنه لو لا الإخافة لم يكن الهرب ، غايته اختياره طريقا سقط فيه لمرجح أولا له ، وهو كما ترى.
واحتمل في غاية المراد (٢) « إنه إن تساوى الطريقان في العطب ضمن المخيف ، إذ لا مندوحة ، وإلا فلا ، لأن له مندوحة في الطريق الأخر ، وكذا احتمل الضمان في أكل السبع » وفي كشف اللثام (٣) : « ويحتمل التفصيل ».
والجميع لا يخلو من نظر ، ضرورة كون الفرض اختياره الوقوع في البئر ونحوه بسبب الإخافة ، نعم لو فرض زوال عقله واختياره بسبب الإخافة المفروضة ، اتجه حينئذ الضمان باعتبار قوة التسبيب فيه على المباشرة بلا خلاف ولا إشكال.
( و ) كذا ( لو كان المطلوب أعمى ضمن الطالب ديته ) كما عن المبسوط والمهذب ( لأنه ) بـ ( ـسبب ) العمى صار ( ملجأ ) على معنى عدم بقاء حسن اختيار له ، وإن كان له قصد وشعور ، فيقوى حينئذ على المباشر ، بل قالا : ( وكذا لو كان مبصرا فوقع في بئر لا يعلمها أو انخسف به السقف ) لمساواته بالجهل للأعمى في عدم اختيار الوقوع ( أو أضطره إلى مضيق فافترسه الأسد لأنه يفترس في المضيق غالبا ) فيكون كما لو ربط يديه ورجليه وألقاه إليه فهو حينئذ وإن كان مباشرا ، إلا أنه فرق واضح بين الاضطرار إلى المضيق وعدمه.
نعم إن علم أن في الطريق سبعا وله طريق آخر فاختاره ، توجه عدم الضمان ، بل هو ليس من الاضطرار إلى المضيق في شيء.
ولو خوف حاملا فأجهضت ، ضمن دية الجنين ، بلا خلاف أجده فيه ،
__________________
(١) التحرير ج ٢ ص ٢٦٢.
(٢) غاية المراد كتاب الديات ص ٣٣ من مخطوط عندنا.
(٣) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٠٤.