كل عضو سابقاً على تغسيله وإن كانت بقية أعضائه باقية على نجاستها ، أو لا يعتبر سبق الطهارة على الغسل ، بل يكفي صب الماء للغسل والتطهير ويكفي ذلك عن الحدث والخبث ، بناءً على طهارة الغسالة كما في الغسلة المتعقبة بطهارة المحل؟.
الصحيح هو الأخير كما ذكرناه في الوضوء وغسل الجنابة (١) إذ أن تحصيل الإجماع التعبّدي على اعتبار سبق الطهارة غير ممكن من كلمات الأصحاب قدسسرهم لاختلافها وتشتتها ، بل لا يكاد يمكن تحصيل الشهرة منها في المسألة ، فلا مناص من الرجوع إلى النصوص الواردة في المسألة. وإذا راجعنا النصوص ظهر أن اعتبار الطهارة سابقاً على الغسل لا دليل عليه ، فانّ الأمر بغسل الفرج أو اليدين وإن ورد في الأخبار إلاّ أنّه من جهة استحباب ذلك تعبّداً ، وليس مستنداً إلى نجاسة الموضع واعتبار تطهيره في غسل الميِّت ، وذلك لإطلاق الأمر بالغسل ولو مع طهارة الفرج وغيره.
والّذي يدلّنا على ذلك ورود الأمر بغسل تلك المواضع في الغسلة الثانية والثالثة أعني الغسل بماء الكافور والقراح مع أنّه لو كان من جهة التطهير فقد فرض تطهيرها في الغسلة الأُولى كما عرفت ، فلا وجه له سوى استحباب ذلك تعبّداً.
كما ورد الأمر فيها بإزالة عين النجاسة الخارجية عن جسد الميِّت وتنقيته ولو بغير الماء كما في موثقة عمار : « ويكون على يديك خرقة تنقي بها دبره » (٢) وفي معتبرة يونس : « ثمّ اغسل فرجه ونقّه » وقوله فيها : « فان خرج منه شيء فانقه » (٣) والوجه في اعتبار ذلك واضح ، وهو أنّه لو كانت على جسده عين نجاسة خارجية تنجس بها الماء ، والماء المتنجس بعين خارجية غير الميِّت لا يكفي في تغسيله ، ولكن لا دلالة له على اعتبار تطهير البدن عن النجاسة الخارجية ، وإنّما يدل على إزالة العين ولو بالخرقة ونحوها.
__________________
(١) شرح العروة ٥ : ٣٠٦.
(٢) الوسائل ٢ : ٤٨٤ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ١٠.
(٣) الوسائل ٢ : ٤٨٠ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٣.