القلم من جميع الجهات الأعم من الوضع والتكليف ، لدلالتها على أن قلم القانون لم يجر في حقّه ، فدعوى اختصاصه بالتكليفيات بلا موجب وخلاف إطلاقها. ومقتضى تلك الأخبار أنّ الصبي لا تكليف في حقّه ولا وضع.
نعم ، خرجنا عن إطلاقها في بعض الموارد من جهة الدليل الخارجي كباب الضمان عند إتلاف الصبي مال الغير حيث حكمنا بضمان الصبي ، للعلم بأن مال المسلم لا يذهب هدراً ، ولإطلاق ما دلّ على أن من أتلف مال غيره فهو له ضامن (١).
وكذا حال الجنابة الّتي موضوعها دخول الحشفة أو نزول المني ، فإذا تحقق دخول الحشفة في الصبي تحققت الجنابة في حقّه واطئاً كان أم موطوءاً ، ووجب عليه الاغتسال بعد بلوغه.
وكذا حال النائم الّذي يحتلم في منامه فإنّه لا يكلّف بغسل الجنابة إلاّ إذا استيقظ.
وعلى الجملة : لا فرق في هذه الموارد بين الصبي وغيره ، وأمّا في غيرها فمقتضى أخبار الرفع المذكورة عدم كون الصبي مشمولاً لشيء من القوانين التكليفية أو الوضعية. وعليه فما ورد في المعتبرة من أن كفن المرأة على زوجها إذا ماتت (٢) وإن كان ظاهره الوضع ، لما بيّناه من أنّ المتعلق للفظة على قد يكون من الأفعال كقولك : من فعل كذا فعليه أن يعيد صلاته ، وظاهره التكليف. وقد يكون المتعلّق من غير الأفعال أي من الجوامد كقوله : على اليد ما أخذت أي المال المأخوذ ، وحيث لا يمكن التعلّق في الجوامد فيقدّر مثل كائن أو ثابت ، أي المال المأخوذ ثابت على اليد ، وظاهره الوضع.
والمقام من هذا القبيل لقوله في المعتبرة « على الزوج كفن امرأته » أي ثابت عليه وتقدير إعطاؤه أو إخراجه عليه خلاف الظاهر لا يمكن المصير إليه ، إلاّ أن مقتضى إطلاق الخبر المتقدِّم أنّ الصبي لا تكليف في حقّه ولا وضع فلا يكون إطلاق معتبرة السكوني شاملاً له ، هذا.
__________________
(١) راجع المستدرك ١٧ : ٨٨ / أبواب كتاب الغصب ب ١.
(٢) الوسائل ٣ : ٥٤ / أبواب التكفين ب ٣٢ ح ١ ، ٢.