بالوجوب فيهم في سائر واجبي النفقة بمقتضى الاستصحاب ، بتقريب أنّ الميِّت كانت نفقته واجبة عليه قبل الممات والآن كما كان للأصل (١).
وفيه أوّلاً : أنّه من الاستصحاب في الشبهات الحكمية ولا نقول به.
وثانياً : أن ما دلّ على وجوب النفقة يختص بحال الحياة ولا يشمل لوازمه بعد الممات ، فان ظاهر النفقة هو ما يحتاج إليه الإنسان في حياته من المأكل والملبس والمسكن فلا تشمل المئونة اللاّزمة بعد الموت فلا موضوع حتّى يستصحب حكمه لما بعد الممات.
وعليه لا دليل على وجوب الكفن على الرجل في غير الزوجة وإن كان ممّن تجب نفقته عليه.
بل مقتضى ما دلّ على أنّ الكفن يخرج من أصل التركة (٢) أن كفن كل أحد يخرج من مال نفسه هذا.
لكن لا يبعد القول بوجوبه عليه إذا كان الميِّت ممّن تجب نفقته عليه ولم يكن له مال ، وذلك لأن صحيحة عبد الرّحمن الواردة في المنع عن إعطاء الزكاة إلى الزوجة والأبوين والولد والمملوكة ونحوهم معلّلاً بأنّهم عياله ويلازمونه (٣) مطلقة تشمل المصارف اللاّزمة لهم في حال الحياة وبعده ، لأنّه معنى كونهم عيالاً له أي معول عليهم وكون مصارفهم عليه ، ولا سيما بملاحظة قوله « لازمون له » أي لا ينفكون عنه فإنّه يشمل ما بعد الحياة كما يشمل حال الحياة ، فلو احتاجوا إلى نفقة بعد الموت وجب عليه القيام بها ، وهذا لو لم يكن أقوى فلا أقل من كونه أحوط.
ومعه لا مجال لقوله في المتن : وإن لم يكن له مال يدفن عارياً ، لأنّه خلاف الاحتياط لو لم يكن خلاف النص.
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٤١٠ السطر ٥.
(٢) الوسائل ٣ : ٥٣ / أبواب التكفين ب ٣١ ، ١٩ : ٣٢٨ ٣٣١ / كتاب الوصايا ب ٢٧ ، ٢٨ وغيرهما.
(٣) الوسائل ٩ : ٢٤٠ / أبواب المستحقين للزكاة ب ١٣ ح ١ ، ٢١ : ٥٢٥ / أبواب النفقات ب ١١ ح ١.