التركة ، هذا.
والصحيح أن يقال : إنّ الأمر بالتكفين في الأخبار إنّما يدل على وجوب التكفين المتعارف وأنّه الّذي يخرج من أصل التركة ، لا أنّ الخارج من أصل التركة شيء والكفن المتعارف شيء آخر ، وليس المأمور به خصوص الفرد الداني من الكفن. والكفن المتعارف هو الّذي يخرج من الزكاة إذا لم يكن للميت مال ، ولا يجب إخراج الفرد الداني من الزكاة ، فلو كان للميت مال وجب إخراج ثمن الكفن المتعارف منه وهذا هو الحد المتوسط بين الإفراط والتفريط ، فلا يجب اختيار ما هو أقل أفراد الكفن بحسب القيمة ، كما لا يجوز الإسراف والتبذير فيه ، بل يخرج منه الكفن المتعارف اللاّئق بشأنه.
هذا إذا لم يكن اختيار المتعارف وعدم التكفين بالأفضل هتكاً وإلاّ فيجب إخراج الأفضل ، كما لو كان من الأشراف أو العلماء ونحوهم ، وذلك لأنّه هو الواجب إخراجه من الزكاة على تقدير عدم المال للميت ، فإذا كان له مال لا بدّ من إخراج ذلك من أصل تركته ، هذا كلّه في القسم الثاني من المستحبّات.
وأمّا القسم الأوّل من المستحبّات وهو ما كان له وجود مستقل ، فمن الظاهر أنّ الأمر بالكفن لا يشمله لخروجه عن الكفن ، اللهمّ إلاّ أن يكون تركه هتكاً للميت فيجب حينئذ ويخرج من أصل التركة لوجهين :
أحدهما : ما مرّ من سكوت الأخبار الآمرة به عن تعيين ما يخرج منه ، فيدور الأمر بين أن يخرج من مال المسلمين وبين أن يخرج من ماله ، وذلك لفرض لزومه وأنّه لا بد منه ، لأن حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً ، والأوّل ليس بلازم كما مرّ فيتعيّن إخراجه من التركة.
وثانيهما : موثقة الفضل المتقدِّمة (١) الدالّة على أن مثل ذلك المستحب يخرج من
__________________
(١) في ص ١٣٩.