فروى الكليني في الصحيح عن سعد بن طريف عن الباقر عليهالسلام ثمّ ساق الحديث (١) إلاّ أن هذا التعبير لا يدل على صحّة الرواية ولا على توثيق سعد ، لأنّه كما يظهر بالمراجعة إلى كتاب الحدائق قد يعبّر عن الرواية بالصحيحة ويقول : صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام مثلاً ، ومعنى هذا أن رواتها إلى الإمام الصادق عليهالسلام إماميون ثقاة ، أو عدول ، وقد يعبّر عن الرواية بقوله مثلاً روى الكليني أو الشيخ في الصحيح عن فلان ويذكر اسم راوٍ من الرواة ، ومعنى هذا تصحيح السند من الشيخ أو الكليني إلى هذا الراوي وحسب ، وأمّا من هذا الراوي إلى الامام فلا تعرّض لحاله منه. والأمر في المقام كذلك.
وكيف كان فالرواية ضعيفة السند لا يمكن الاستناد إليها ، هذا أوّلاً.
ثمّ لو أغمضنا عن ذلك فالرواية قاصرة الدلالة على المدّعى ، لأنّ الوارد في الخبر هو التكفين « من كفن مؤمناً » ومعناه من ألبسه الكفن ، ولا دلالة فيه على استحباب بذل الكفن لأن « كفن » لا يستعمل بمعنى بذل الكفن.
وثالثاً : لو أغمضنا عن ذلك وبنينا على أنّ الوارد في الرواية هو بذل الكفن إلاّ أنّه لا منافاة بين استحباب بذل الكفن على كل واحد واحد من المكلفين وبين وجوبه الكفائي على جميع المسلمين ، وقد ورد نظيره في الغسل الواجب كفاية حيث قال عليهالسلام : « من غسل مؤمناً غسله الله من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه » (٢) فلا تنافي بين الوجوب الكفائي والاستحباب.
ورابعة يستدل عليه بموثقة الفضل المتقدِّمة (٣) حيث دلّت على جواز شراء الكفن من الزكاة ، إذ لو كان بذل الكفن واجباً على جميع المسلمين لم يجب أخذه من الزكاة ولم تصل النوبة إليها.
__________________
(١) الحدائق ٤ : ٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٤٩٤ ٤٩٧ / أبواب غسل الميِّت ب ٧ و ٨.
(٣) في ص ١٣٩.