وفي موثقة عمار : « فتغسل الرأس واللحية بسدر حتّى تنقيه » (١) وظاهرها اعتبار كون الماء في الغسلتين على نحو يصدق عليه أنّه غسل بالسدر.
وفيه : أنّ الغسل بالسدر أمر لا معنى له ، لما مرّ من أنّ الغسل إنّما يتحقق بالماء أو بغيره من المائعات المزيلة للأثر ، ولا معنى للغسل بالجامد إلاّ الاستعانة به في الغسل نظير الغسل بالصابون والتراب ، فيمسح به الشيء أوّلاً ثمّ يصب الماء عليه ، وهذا الصب هو الغسل. وأمّا المسح بالتراب أو الصابون أو الأشنان أو السدر قبل ذلك فهو استعانة به في الغسل ، لا أنّه غسل حقيقة ، فلا دلالة في تلك الروايات على اعتبار كون الغسلتين بالسدر والمضاف.
وهي نظير معتبرة يونس الدالّة على غسل رأس الميِّت بالرغوة (٢) حيث تقدم أنّ المراد به هو المسح بالرغوة أوّلاً ثمّ صب الماء عليه ، والغسل هو الصب ، والمسح بالرغوة أو غيرها محمول على الاستحباب.
نعم ، لو كنّا نحن وهذه الأخبار لقلنا باعتبار غسل الميِّت بالسدر ، بأن يمسح السدر على بدنه أوّلاً ثمّ يزال بالماء كما هو المتعارف في الغسل بالسدر في الأحياء ، إلاّ أنّ الأخبار المتقدمة دلّتنا على أنّ الغسلة الاولى لا بدّ أن تكون بالماء المطلق الّذي فيه السدر ، والثانية بماء فيه كافور ، فلا يعتبر فيه المسح بالسدر ثمّ غسله.
وفي رواية الكاهلي أنّه « يغسل بماء السدر وماء الكافور » (٣) وظاهرها اعتبار الإضافة في الغسلتين.
ويردّه : أنّ الرواية ضعيفة السند بمحمّد بن سنان وغير تامّة الدلالة على المدّعى لجواز أن يراد بماء السدر هو الماء المطلق الّذي فيه شيء من السدر وإن لم يبلغ مرتبة الإضافة ، غاية الأمر أن تكون الرواية مطلقة ودالّة على جواز الغسل بالماء المضاف
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٤٨٤ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ١٠.
(٢) الوسائل ٢ : ٤٨٠ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٣.
(٣) الوسائل ٢ : ٤٨١ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٥.