وجب تغسيلهم ، فان الكافر لا يغسل ولا يكفن وحاله حال الحيوانات ، فاما أن نلتزم بوجوب الصلاة في حقهم لإسلامهم أو نلتزم بعدم وجوب التغسيل للمخالفين لكفرهم.
وإن كانت المناقشة مستندة إلى عدم دليل صالح للاستدلال به وللتمسك بإطلاقه بالإضافة إلى المخالفين كما ربما يلوح من كلمات بعضهم ، ففيه : أن هناك جملة كثيرة من المطلقات تدلنا على أن كل ميت تجب الصلاة عليه من دون تقييده بالمؤمن ولا بالمسلم ، ومقتضى إطلاقها وجوبها حتى على الكافر ، وإنما الخروج عن ذلك يحتاج إلى دليل. وهذه الأخبار فيها المعتبرة والضعيفة ، ولا يبعد بلوغها مرتبة التواتر وإن كانت المعتبرة منها كثيرة في نفسها.
والغرض أن الدليل لا ينحصر في روايتين إحداهما معتبرة والأُخرى ضعيفة لنحتاج إلى دعوى انجبار ضعفها بعملهم كما ذكره المحقق الهمداني قدسسره (١) وغيره. وإليك جملة من الأخبار :
منها : موثقة أبي مريم الأنصاري عن الصادق عليهالسلام أنه قال : « الشهيد إذا كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلِّي عليه ، وإن لم يكن به رمق كفن في أثوابه » (٢).
والوجه في كونها موثقة أن في طريق الصدوق إلى أبي مريم أبانَ بن عثمان ، وهو موثق. وقد دلتنا على أن غير الشهيد أي الذي كان به رمق تجب عليه الصلاة والتغسيل والتكفين والتحنيط ، وإنما خرج الشهيد عنه ، ولا نحتمل أن يكون للموت في المعركة دخل في ثبوت الحكم ، بأن يكون وجوب الصلاة أو الدّفن أو الكفن مختصاً بالمقتول في المعركة غير شهيد.
ومنها : صحيحة أبان بن تغلب قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الذي يقتل في سبيل الله أيغسل ويكفن ويحنط؟ قال : يدفن كما هو في ثيابه إلاّ أن يكون به
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ٤٩٢ السطر الأخير.
(٢) الوسائل ٢ : ٥٠٦ / أبواب غسل الميِّت ب ١٤ ح ١.