مورد نسيانها قبل الدّفن.
ويدلُّ على ذلك ارتكاز تقدم الصلاة على الدّفن وعقيب التكفين في أذهان المتشرعة ، لما ورد في موثقة عمار بن موسى قال « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر ، فاذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر وهم عراة وليس عليهم إلاّ إزار ، كيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه ( به )؟ قال : يحفر له ويوضع في لحده ويوضع اللبن على عورته فيستر عورته باللبن وبالحجر ، ثم يصلى عليه ثم يدفن ، قلت : فلا يصلى عليه إذا دفن؟ فقال : لا يصلى على الميِّت بعد ما يدفن ، ولا يصلّى عليه حتى توارى عورته » (١).
فإنها مضافاً إلى دلالتها على كون الصلاة قبل الدّفن تدلنا على أن الصلاة بعد التكفين أمر مرتكز عند المتشرعة ، والإمام عليهالسلام قررهم على هذا الارتكاز إذ لولا ذلك لم يكن وجه للسؤال عن كيفية الصلاة على الميِّت في الرواية بوجه ، فإن الصلاة عليه كالصلاة على غيره من الأموات ، ولا ميز بينه وبين غيره إلاّ في أنه غير مكفن فسألوا عن أنه كيف يصلى عليه وهو غير مكفن.
واحتمال أن يكون السؤال من جهة كونه مكشوف العورة فيقع نظرهم عليه ومن ثمة سألوا عن كيفية الصلاة عليه ، مندفع بأنه يمكن أن يصلى عليه مع غض البصر وعدم النظر إلى عورته ، أو بجعل لبن عليها خارج القبر فلا يكون هذا منشأ للسؤال.
ثم إن ممّا ينبغي التنبيه عليه أن الرواية نقلها الشيخ مرتين ، فتارة بإسناده عن ابن أبي نصر البزنطي عن هارون بن مسلم وأُخرى عن البزنطي عن مروان بن مسلم (٢) وكذلك في الوسائل ، والرجلان كلاهما موثقان ، إلاّ أن واقع الأمر أن المروي عنه هو مروان بن مسلم لا هارون ، وذلك :
__________________
(١) الوسائل ٣ : ١٣١ / أبواب صلاة الجنازة ب ٣٦ ح ١.
(٢) لاحظ التهذيب ٣ : ١٧٩ / ٤٠٦ ، ٣٢٧ / ١٠٢٢ ، إذ الراوي في كلا الموردين هو مروان.