وأمّا في موارد النسيان فقد يقال بعدم وجوب الإعادة بعد التكفين ، نظراً إلى أن التكليف يرتفع في موارد النسيان واقعاً ، لاستحالة تكليف الناسي والغافل حين نسيانه ، وبعد ما ارتفع عنه الأمر بالصلاة واقعاً حال نسيانه يحتاج عوده بعد الارتفاع وبعد التكفين إلى دليل عليه ، بل مقتضى حديث رفع النسيان عدم وجوب الإعادة في المقام.
ويرد عليه : أن الناسي وإن لم يمكن تكليفه حال نسيانه إلاّ أنه في المقام لا يقتضي رفع الحكم الواقعي لنحتاج في عوده إلى دليل ، وذلك لأن ما تعلق به التكليف لم يتعلق النسيان به وما تعلق به النسيان لم يتعلق التكليف به.
والسر في ذلك : أن المكلف به هو الطبيعي الجامع بين الأفراد الطولية والعرضية بين التكفين والدّفن ، وهذا مما لم يتعلق به النسيان لتوجّه المكلف إلى وجوبه ، وإنما تعلق النسيان بالفرد وما أتى به قبل التكفين ، والفرد لم يتعلق به التكليف بوجه ، ومعه إذا التفت بعد التكفين إلى أنه قد صلّى قبله فمقتضى إطلاق ما دل على وجوب الصلاة على الميِّت بعد التكفين وجوب الإعادة لا محالة.
وهذا نظير ما لو غفل المكلف عن وجوب صلاة الظهر في ساعة ، فإنه لا يمكن أن يقال إن التكليف بصلاة الظهر قد ارتفع عن المكلف بنسيانه وبعد تلك الساعة لو التفت لم تجب عليه الصلاة إذ لا دليل على عود التكليف بعد الارتفاع. ولا وجه له سوى أن ما تعلق به النسيان ليس إلاّ فرداً من أفراد الصلاة ، وهو ليس بمتعلق التكليف ليرتفع بنسيانه ، وإنما المتعلق هو الجامع بين أفرادها الطولية والعرضية وهو مما لم يتعلق النسيان به.
ومن هنا قلنا إن مقتضى القاعدة الأولية وجوب الإعادة عند نسيان جزء أو شرط من الصلاة ، لأن ما تعلق به النسيان غير مأمور به والمأمور به هو الطبيعي الجامع بين أفرادها الطولية والعرضية بين المبدأ والمنتهى كالزوال والمغرب مثلاً ، فاذا التفت إلى الحال بعد ذلك الفرد وجبت عليه الإعادة والإتيان بالطبيعي المأمور به بجميع ما يعتبر فيه من القيود والأجزاء.
نعم لا نلتزم في تلك الموارد بوجوب الإعادة بمقتضى حديث لا تعاد وإن كانت