إلى العمد والاختيار.
أمّا إذا كبّر قبله سهواً فالصحيح عدم بطلان صلاته بل ولا جماعته بذلك ، لعدم الدليل على كونه موجباً للبطلان ، والأصل عدم بطلانها به فوجوده كالعدم لا يترتب عليه أثر. ويؤيده أن المأموم لو ركع قبل الإمام سهواً لم تبطل بذلك صلاته ولا جماعته بل وجوده كالعدم فيرفع رأسه ثم يركع مع الإمام ، فإذا لم يكن الركوع الذي أتى به سهواً موجباً لبطلان الصلاة والجماعة فلا تكون التكبيرة المأتي بها سهواً مبطلة للصلاة والجماعة بطريق أولى.
وأمّا إذا كبّر قبله عمداً فالصحيح أنه ينفرد بذلك عن الجماعة وترتفع جماعته وذلك لما دلّت عليه الأدلة الواردة في المقام من أن صلاة الميِّت تشتمل على خمس تكبيرات ، فلو فرضنا في المقام عدم بطلان جماعته ووجب أن يكبّر مع الإمام بعد ذلك كانت تكبيراته ستة ، وعدم احتساب التكبيرة المأتي بها عمداً من التكبيرات يحتاج إلى دليل ، لعدم قصورها عن كونها فرداً للمأمور به ، وحصول الامتثال بها قهري فلا وجه لعدم سقوط الأمر به.
وأمّا ما رواه الحميري عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليهالسلام عن الرجل يصلِّي له أن يكبّر قبل الإمام؟ قال عليهالسلام : « لا يكبِّر إلاّ مع الإمام ، فإن كبّر قبله أعاد التكبير » (١) وقد أوردها في صلاة الجنائز ، وذكر صاحب الوسائل قدسسره أن الظاهر أن علي بن جعفر أوردها في صلاة الجنائز (٢) فلا يمكن الاستدلال بها لضعف سندها ودلالتها :
أمّا في سندها فالضعف لوجود عبد الله بن الحسن فيها ، وهو وإن كان شريفاً بحسب النسب إلاّ أنّا لم نعثر له على توثيق في الرجال ، فلا يمكننا الاعتماد على روايته.
وأمّا بحسب الدلالة فلقوله : عن الرجل يصلِّي ... ، فإنها واردة في الصلاة ، وليست صلاة الأموات صلاة حقيقة ، إذ لا صلاة إلاّ بطهور ولا يعتبر الطهور في صلاة الأموات
__________________
(١) الوسائل ٣ : ١٠١ / أبواب صلاة الجنازة ب ١٦ ح ١. قرب الاسناد : ٢١٨.
(٢) لم يذكر كلام صاحب الوسائل هذا في الطبعة الجديدة.