تفصيل الكلام في القول الثاني
يبقى القول الثاني وهو وجوب الدعاء في صلاة الميِّت لكن لا على الكيفية المتداولة اليوم فتفصيل الكلام فيه :
أن الأخبار الواردة في الدعاء فيها مختلفة باختلاف الأدعية الواردة فيها كيفاً وكمّاً ولا بدّ فيها من الالتزام بأحد أمرين :
أحدهما : أن يلتزم بالتخيير بين الأدعية الواردة في الروايات وأنه إذا دعا بواحد مما ورد فيها أجزأه. وهذا هو الذي تقتضيه القاعدة الأولية ، لأنه إذا ورد دليلان ودل كل واحد منهما على وجوب شيء وعلمنا خارجاً بعدم وجوبهما معاً فلا مناص من الالتزام بوجوب أحدهما على نحو التخيير.
إلاّ أنه في خصوص المقام غير ممكن لما ورد في صحيحة جماعة من الأعاظم كزرارة ومحمد بن مسلم أنه ليس في صلاة الميِّت دعاء مؤقت (١). والقول بوجوب واحد مما ورد في الأخبار على نحو التخيير التزام بوجوب دعاء معين ومحدود والصحيحة صرحت بأنه ليس فيها دعاء مؤقت ومحدد بل يدعو بما بدا له.
وثانيهما : وهو المتعين ، أن يؤخذ بالقدر المشترك بين الأخبار الواردة أعني ما اشتملت عليه الأخبار كلّها ، وأما الزائد عليه فيدفع وجوبه بالروايات الفاقدة له. والمقدار المشترك الذي تشتمل عليه الأخبار كلها هو الصلاة على النبي والدعاء للميت وحسب مع مراعاة الترتيب بينهما بتقديم الأوّل على الثاني ولو بأن يصلِّي على النبي بعد التكبيرة الأُولى ويدعو للميت بعد الرابعة ، والزائد عليهما مدفوع بالأخبار الفاقدة له.
وأمّا تطبيق الأخبار على ذلك فهو يتوقف على التعرض لكل واحد من الأخبار على حدة.
ففي صحيحة أو حسنة زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام في الصلاة على الميِّت
__________________
(١) تقدّمت قريباً.