مختصات المؤمن لينفى وجوبه عن المستضعف هذا ، بل لولا التسالم على أن المخالف يصلى عليه بأربع تكبيرات أمكننا المناقشة في أصل هذا الحكم ، وذلك لأن المنافق الذي كان يصلِّي عليه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأربع هو الذي لم يكن مسلماً باطناً وإنما كان يظهر الإسلام كذباً ، لقوله تعالى ( وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) (١) وقوله تعالى ( وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ) (٢) وأين هذا من المنافق في عصر الأئمة وفي ألسنة الأخبار ، إذ المنافق فيهما بمعنى المسلم المنكر للولاية.
ولكن الموجود في كلماتهم أن المنافق بمعنى المنكر للولاية يصلى عليه بأربع تكبيرات مستدلاً عليه بروايتين :
إحداهما : ما رواه الصدوق عن الحسين بن النضر ، قال « قال الرضا عليهالسلام : ما العلة في التكبير على الميِّت خمس تكبيرات؟ قال : رووا أنها اشتقت من خمس صلوات ، فقال : هذا ظاهر الحديث فأما في وجه آخر فان الله فرض على العباد خمس فرائض : الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ، فجعل للميت من كل فريضة تكبيرة واحدة فمن قبل الولاية كبّر خمساً ومن لم يقبل الولاية كبّر أربعاً ، فمن أجل ذلك تكبّرون خمساً ومن خالفكم يكبّر أربعاً » (٣).
وثانيتهما : ما رواه أبو بصير قال « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : لأي علة ( شيء ) تكبّر على الميِّت خمس تكبيرات ويكبّر مخالفونا بأربع تكبيرات؟ قال : لأن الدعائم التي بني عليها الإسلام خمس : الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية لنا أهل البيت ، فجعل الله للميت من كل دعامة تكبيرة ، وإنكم أقررتم بالخمس كلها وأقر مخالفوكم بأربع وأنكروا واحدة ، فمن ذلك يكبّرون على موتاهم أربع تكبيرات وتكبّرون خمساً » (٤) فان المصرح به في الروايتين أن المخالف يكبّر في صلاته بأربع
__________________
(١) المنافقون ٦٣ : ١.
(٢) البقرة ٢ : ١٤.
(٣) الوسائل ٣ : ٧٦ / أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٦ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ٨٢ / ٢٠.
(٤) الوسائل ٣ : ٧٧ / أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٧.