الصلاة على قبره ، وذلك لأن مقتضى الإطلاقات وجوب الصلاة على كل ميت ، وإنما قيدناه بأن يكون قبل الدّفن عند التمكن والاختيار.
وتوضيحه : أن مقتضى صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا بأس أن يصلِّي الرجل على الميِّت بعد الدّفن » (١) جواز الصلاة على الميِّت بعد الدّفن ومشروعيتها ، وإذا جازت وجبت بمقتضى المطلقات الآمرة بالصلاة.
ويؤيده رواية مالك مولى الحكم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا فاتتك الصلاة على الميِّت حتى يدفن فلا بأس بالصلاة عليه وقد دفن » (٢). والوجه في جعلها مؤيدة عدم توثيق مالك مولى الحكم. ونظيرها رواية أُخرى (٣).
إلاّ أنه قد يتوهم أنها معارضة بجملة من الأخبار ، وهو الذي دعا المحقق والعلاّمة وصاحب المدارك أن يذهبوا إلى عدم الوجوب.
منها : ما رواه محمد بن مسلم أو زرارة قال : « الصلاة على الميِّت بعد ما يدفن إنما هو الدعاء ، قال قلت : فالنجاشي لم يصل عليه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال : لا ، إنما دعا له » (٤). وهذه الرواية على تقدير حجيتها شارحة لصحيحة هشام المتقدمة.
إلاّ أنها ضعيفة السند بنوح بن شعيب الظاهر كونه الخراساني بقرينة رواية ابن هاشم عنه. على أن دلالتها قاصرة على المدعى ، لأن ظاهرها إرادة الصلاة بعد الدّفن فيما إذا صلِّي على الميِّت قبل الدّفن بقرينة قضية النجاشي ، فإنه كان قد صلِّي عليه قبل دفنه وأراد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصلِّي عليه بعد دفنه ، وهذا خارج عما نحن فيه ، لأن كلامنا فيما إذا لم يصل على الميِّت قبل دفنه.
كذا ذكر أوّلاً ثم أفاد : أن الرواية لا تعارض الصحيحة وإنما تدل على جواز الدعاء
__________________
(١) الوسائل ٣ : ١٠٤ / أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ١.
(٢) الوسائل ٣ : ١٠٤ / أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٢.
(٣) الوسائل ٣ : ١٠٥ / أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٣.
(٤) الوسائل ٣ : ١٠٥ / أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٥.