الصورة الأُولى : إذا كان النقل والتحويل من قبر إلى قبر آخر أو إلى بلد آخر إهانة للميت وهتكاً له فلا إشكال في حرمة نقله ، لأن حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً.
وأمّا إذا لم يعد هتكاً له فهو كالنقل قبل الدّفن ، فان قلنا بجوازه كما هو الصحيح فهو أيضاً جائز ، وإن منعنا عنه فهو أيضاً ممنوع ، وحيث ذكرنا أن نقل الموتى أمر جائز بل راجح إذا كان النقل إلى المشاهد المشرفة فلا مناص من الحكم بجوازه أيضاً في المقام إذا كان النقل لمصلحة الميِّت ، بل وكذلك الحال فيما إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة وكان النقل وعدمه متساويين ، وإن كان ظاهر كلام ابن الجنيد اختصاص الجواز بما إذا كان النقل مصلحة للميت (١).
ثم إن الظاهر جواز التحويل من دون كراهة وإن ذهب ابن حمزة إلى كراهته (٢) وذلك لعدم دلالة الدليل على كراهة النقل بعد النبش ، نعم لو تم ما تقدم من دعوى وجوب الدّفن على نحو العموم الأزماني وأن الخارج عنه هو زمان التغسيل والتكفين والصلاة دون غيره لم يجز النقل إلى قبر آخر أو بلد آخر لاستلزامه البطء والتأخير بخلاف إقباره في قبره الأوّل.
إلاّ أنّا قدمنا أنه لا دليل يدل على وجوب الدّفن بنحو العموم الأزماني ، وإنما الدليل يدل على وجوب الدّفن وحسب ، ونحن أيضاً ندفن الميِّت ثانياً ، ولا تقييد فيه بأن يكون في قبره السابق أو في قبرٍ غيره ، هذا كله في النقل بعد النبش بما هو نقل.
الصورة الثانية : هي النقل المحرم مقدمته وهي النبش ، فان كان النقل بنبشه موجباً لإهانة الميِّت أو لم يكن صلاحاً للميت فلا ينبغي الإشكال في حرمته لحرمة النبش حينئذ.
وأما إذا لم تعد إهانة للميت وكان صلاحاً له كما إذا نبش لكي ينقل إلى الأعتاب المقدّسة والمتبركة فالمشهور بينهم عدم الجواز ، واختاره صاحب الجواهر ( قدس
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٢٩.
(٢) الوسيلة : ٦٩.