من ملاحظة ذلك المدرك ولا موقع للإجماع حينئذ.
الثاني : أن النبش مثلة بالميِّت وهتك له ، وحرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً.
وفيه : أن النسبة بين النبش المدعى حرمته وبين الهتك عموم من وجه ، فان النبش لا يعد هتكاً في جملة من الموارد كما سيتضح ، وعلى هذا الوجه تكون جملة من الموارد المستثناة خارجة عن حرمة النبش خروجاً تخصصياً لا تخصيصياً ، وهذا كما إذا دفن في أرض مغصوبة فلا يكون نبشه حينئذ موجباً للهتك من الابتداء ، فلم يكن النبش متصفاً بالحرمة ليكون استثناؤه تخصيصاً بل هو خروج تخصصي ، وكذا إذا دفن في أرض لا تناسب الميِّت ونبش ليدفن في أرض تناسبه أو لينقل إلى العتبات المقدسة ليدفن فيها.
الثالث : ما ذكره بعض الأعاظم من أن الدّفن كما يجب حدوثاً كذلك يجب بحسب البقاء ، لعدم احتمال أن يكون الواجب مجرد دفنه آناً ما ثم يجوز إبقاؤه من غير دفن بل الواجب إنما هو ستره وإقباره مطلقاً حدوثاً وبقاء.
وفيه : أن الأمر وإن كان كذلك إلاّ أن ذلك لا ينافي جواز النبش ، لأن المدعى ليس هو إخراج الميِّت عن القبر وإبقاءه من غير دفن وإنما ينبش ليدفن ثانياً ، فالدّفن حدوثاً وبقاء متحقق وإنما ينبش ويخرج من قبره آناً أو ساعة مثلاً.
نعم لو تمت الدعوى المتقدمة من أن أدلة الدّفن لها عموم أزماني يقتضي وجوب الدّفن في كل آن آن كان نبشه وإخراج الميِّت من قبره ولو آناً ما محرماً ، لأنه مخالف للدفن الواجب في كل آن ، إلاّ أنّا قدمنا أنّا لم نجد في أدلة الدّفن ما يكون له عموم أزماني بوجه ، لأنها إنما تدل على وجوب الدّفن وحسب من دون دلالة على العموم الأزماني.
وعليه فالمدار في حرمة النبش على صدق الهتك والتوهين ، وفي أي مورد لم يلزم من نبشه هتك جاز النبش لا محالة.