آخر والثالث جزء ثالث ، غاية الأمر يتميّز هذا الغسل عن باقي الأغسال بأنّه يعتبر فيه غسل الرأس ثلاث مرّات بالسدر والكافور والقراح ، وكذا الجانب الأيمن يعتبر غسله ثلاثاً ، وكذا الجانب الأيسر يعتبر فيه الغسل ثلاثاً على الترتيب المذكور في محلِّه ، وقد قوّاه صاحب الجواهر (١) وشيخنا الأنصاري (٢) والمحقق الهمداني (٣) وغيرهم فمقتضى القاعدة عدم وجوب الغسل أصلاً والانتقال إلى التيمم لتعذّر جزء أو جزأين من المأمور به فيسقط. ولا يلتزمون بجريان قاعدة الميسور في أجزاء الغسل الواحد كما إذا فرضنا أنّ الجنب لا يتمكّن إلاّ من غسل ثلثي بدنه ، فإنّه لم يتوهّم أحد وجوبه وكفايته عن التيمم.
وكذا الحال فيما نحن فيه ، كما إذا لم يف ماء السدر إلاّ بنصف الميِّت أو ثلثيه لا يلتزمون بوجوب هذا الميسور وإغنائه عن التيمم ، إذن لا يجب الغسل في المقام أصلاً حتّى نتكلّم في أنّه يجب صرف الماء في الأوّل أو يتخيّر حينئذ ، فلا موضوع لهذا البحث أصلاً.
ثمّ لو تنازلنا عن ذلك وقلنا بجريان القاعدة ووجوب الغسل حينئذ لأنّه ميسور من المعسور فرضاً ، فلما ذا يجب التيمم معه ، فانّ الغسل الواحد قد تحقق الميسور منه ولا معنى لوجوب التيمم بدلاً عن الجزء المعسور ، لأنّ التيمم بدل عن الغسل والطهور ولا بدلية له عن جزء الغسل أو الوضوء ، فالجمع بين الغسل والتيمم غير صحيح ، بل اللاّزم على هذا القول سقوط الغسل والانتقال إلى التيمم.
وأمّا إن قلنا بتعدد الواجب وأن كل غسل من الثلاثة غسل مأمور به مستقلا ويترتب عليه الطهارة مستقلا ، نعم الطهارة المطلقة للميت تتوقف على إكمال الثلاث كما هو الصحيح ، فهو مورد للأقوال من التخيير أو تعين الأوّل أو الأخير ، لأنّه إذا تعذّر شرط لا يستتبع هذا سقوط شرط آخر عن الوجوب ، كما إذا لم يتمكّن من
__________________
(١) الجواهر ٤ : ١٢٠ / لزوم النيّة في غسل الميِّت.
(٢) كتاب الطّهارة : ٢٩٤ السطر ٢٢.
(٣) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٣٨٥ السطر ١٤.