أو أنّ المستحب هو التغسيل من وراء الثياب والتغسيل مجرّداً جائز كما التزم به جماعة ، أو أنّه لا هذا ولا ذاك بل يتخيّر بين الأمرين كما عن المحقق الثاني (١)؟
ومنشأ الخلاف بينهم في المسألة أنّه ورد في رواية يونس المتقدمة الأمر بالتغسيل مجرداً حيث قال : « فان كان عليه قميص فأخرج يده من القميص واجمع قميصه على عورته » (٢).
وورد في جملة من الصحاح الأمر بتغسيله من فوق الثياب :
منها : صحيحة يعقوب بن يقطين « ولا يغسلن إلاّ في قميص يدخل رجل يده ويصب عليه من فوقه » (٣).
ومنها : صحيحة ابن مسكان (٤) وصحيحة سليمان بن خالد (٥) ، فوقع الكلام في أنّ الأمر بالتغسيل مجرّداً محمول على الاستحباب في رواية يونس والأمر بالتغسيل من وراء الثياب في تلك الصحاح محمول على الجواز ، أو أنّ الأمر بالعكس.
قد يقال بأن رواية يونس لا يمكن أن تعارض الصحاح المتقدمة لضعفها بالإرسال ، فيتعيّن القول باستحباب التغسيل من وراء الثياب.
ويردّه : أنّ رواية يونس لا تندرج تحت المراسيل ، لأنّ إبراهيم بن هاشم إنّما يرويها عن رجاله ، وهو كرواية الكليني عن عدّة من أصحابنا أو الرواية عن غير واحد ، وقد مرّ غير مرّة أنّ مثل ذلك لا يعد من المراسيل ، لدلالة هذا التعبير على أنّ الرواية رواها الجميع أو عدّة منهم أو جماعة كثيرة ، ومن ثمة لم يسند الرواية إلى راوٍ بخصوصه ، ومن المطمأن به أن رجال إبراهيم بن هاشم أو عدّة من أصحابنا أو غير واحد من الأصحاب مشتمل على الثقات ، ولا يمكن عادة أن يكون الجميع غير موثقين فالرواية لا إشكال فيها من حيث السند ، إذن لا بدّ من تحقيق المستحب منهما.
__________________
(١) جامع المقاصد ١ : ٣٧٥ / كيفيّة غسل الميِّت.
(٢) الوسائل ٢ : ٤٨٠ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٣.
(٣) الوسائل ٢ : ٤٨٣ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٧.
(٤) الوسائل ٢ : ٤٧٩ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ١.
(٥) الوسائل ٢ : ٤٨٣ / أبواب غسل الميِّت ب ٢ ح ٦.